أمّا أصل المثال فقد يناقش فيه ، حيث إنّ الفاقدية التي هي موضوع وجوب التيمّم هي فاقدية طبيعة الماء لا خصوص ذلك الماء الموجود عنده. والجواب عنه أنّ المستصحب هو فقد طبيعة الماء لكن معلّقاً على فقد هذا الموجود من جهة انحصارها به ، لأنّ فقد هذا بخصوصه إنّما يوجب فقد الطبيعة لأجل انحصارها به لا أنّه هو يكون فقده فقداً للطبيعة.
ثمّ لا يخفى أنّ ظاهر ما أفاده في المقالة هو أنّ الاحتياج إلى أحد هذين التقريبين لجريان الاستصحاب إنّما هو بناءً على أنّ المجعول في باب الاستصحاب هو الجري العملي على طبق اليقين أو المتيقّن ، وأنّ مفاده هو التنزيل من حيث العمل ، أمّا بناءً على أنّ المجعول هو المماثل ، فلا يتوجّه الإشكال على استصحاب الحكم التعليقي.
والذي حرّرته عنه في الدرس : هو أنّه بناءً على جعل المماثل يكون استصحاب الحكم المعلّق جارياً عند الشكّ في بقائه لأجل تبدّل الحالة من العنبية إلى الزبيبية ، سواء كان ذلك قبل حصول المعلّق عليه أعني الغليان ، أم كان بعده ، لإمكان جعل المماثل في كلا الحالين.
أمّا بناءً على كون مفاد الاستصحاب هو لزوم العمل على طبق اليقين السابق فلا يمكن إجراء الاستصحاب قبل حصول المعلّق عليه الذي هو الغليان ، إذ لا يكون في البين أثر عملي يترتّب على اليقين السابق. نعم بعد حصول الغليان يكون جريان الاستصحاب ممكناً لوجود الأثر العملي حينئذ ، سواء كان حصول الغليان مقارناً لزمان الشكّ ، أو كان بعده ، إذ بعد حصول الغليان لا فرق بين أن يكون قد شكّ ثمّ حصل الغليان ، أو يكون قد حصل الغليان ثمّ شكّ ، هذا حاصل ما حرّرته عنه في درسه.