العصير ، لم تكن مدخليته المحتملة إلاّمن قبيل مدخلية العلّة المحدثة أو المبقية التي لابدّ من إحرازها ولا يكفي احتمالها ، غايته أنّه بعد زوالها يشكّ في بقاء الحكم من جهة احتمال أنّ مدخليتها من قبيل العلّة المحدثة ، أو من قبيل المبقية.
ومن ذلك يظهر لك التأمّل فيما أُفيد بعد أسطر من قوله : وكانت الواسطة العقلية أو العادية علّة الخ (١) فإنّها لو كانت علّة لكان الواجب إحرازها في مثل الملاقاة والرطوبة ، إلاّ أن يكون المراد هو تقدّم العلم بالذات مقرونة بتلك العلّة ثمّ طرأ الشكّ في بقاء الذات ، سواء كان بقاء تلك العلّة مشكوكاً أيضاً أو كانت معلومة الارتفاع.
ثمّ لا يخفى أنّ قوله : وإن فرض أنّ العرف يتسامح الخ ، على الظاهر أنّه لا محصّل له في المقام ، فتأمّل.
قوله : وما قرع سمعك من اتّباع نظر العرف في باب الاستصحاب وأخذ الموضوع منه ... الخ (٢).
لا يخفى أنّ من يدّعي المسامحة العرفية في الواسطة الخفية لا يريد بها التوسعة في موضوع الحكم ، بل لا يريد بها إلاّ المسامحة بحسب اتّحاد القضية المتيقّنة مع القضية المشكوكة ، بحيث إنّ الأثر وإن كان مترتّباً على تلك الواسطة ، ومقتضاه اختلاف القضية المتيقّنة مع القضية المشكوكة ، إلاّ أنّ العرف يتسامح لأجل خفاء الواسطة في التغاير المذكور ، ويعدّ الجري العملي الراجع في الحقيقة إلى الواسطة جرياً عملياً على اليقين السابق في ذي الواسطة ، بناءً على ما ذكرناه من الوجه في عدم حجّية الأُصول المثبتة من تقييد حجّيتها بحيثية الجري العملي
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٥.
(٢) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٥.