أن يريد به مجرّد اختلاط الأجزاء ، سواء كانت من النجس إلى الطاهر أو من الطاهر إلى النجس. وثانياً : أنّ اللازم على ذلك هو لزوم الاجتناب عن ملاقي أحد أطراف الشبهة المحصورة ، لأنّه قدسسره رتّب في الوسيلة طبع النجف لزوم الاجتناب عن الملاقي على القول بالسريان المذكور ، وهو قدسسره لا يقول باعتبار هذا المعنى من السريان ، فراجع الوسيلة (١) مع أنّه قدسسره قائل هنا باعتبار السريان كما يظهر من حاشيته على العروة في المسألة السابقة (٢) على المسألة التي قدّمنا نقلها.
اللهمّ إلاّ أن يريد بالسريان هناك هو سراية الحكم الذي هو النجاسة من النجس إلى الطاهر ، فلا يكون الملاقى موضوعاً جديداً ، بل يكون من باب اتّساع الموضوع الأوّل ، وهذا بخلاف السريان الذي يعلّق عليه حكم التنجيس بالملاقاة فإنّه عبارة عن اختلاط الأجزاء في الرطوبة التي على أحد المتلاقيين.
وبالجملة : لم أتوفّق لمعرفة السريان هنا ، فإنّ أخسّ الصور هو أن يكون النجس رطباً لا أقل [ من ] أنّه ماء ، فلو لاقته يدك الجافّة فقد انتقلت أجزاء من الماء إلى يدك ، ولكن كيف نجّست تلك الأجزاء يدك الطاهرة ، هل نجّستها بالانتقال أيضاً أو بمجرّد الملاقاة مع الرطوبة؟ لا سبيل إلى الأوّل ، إذ لا انتقال في تلك الأجزاء ، فينحصر الأمر حينئذ بالثاني ، وهو كون الملاقاة مع الرطوبة منجّسة ، فحينئذ نقول بذلك في الأوّل ، يعني نقول إنّ يدنا إنّما تنجّست بواسطة ملاقاة ذلك الماء المفروض كونه مع الرطوبة ، من دون أن نقول بأنّ للانتقال مدخلية ، فتأمّل لإمكان الجواب عن هذه الجهة الأخيرة بالالتزام بأنّ المنجّس هو الماء لكن بشرط سراية أجزاء منه إلى اليد ، لا أنّ المنجّس هو تلك الأجزاء
__________________
(١) وسيلة النجاة : كو ـ كز [ لا يخفى أنّه قد رمز إلى الصفحات الأُولى منهابالحروف ].
(٢) العروة الوثقى ( مع تعليقات عدّة من الفقهاء ) ١ : ١٦٨ مسألة (١).