وجوب التصدّق ، وردّ عليه ما أفاده الشيخ قدسسره من عدم المعارضة حينئذ ، لكون استصحاب الحياة حاكماً على أصالة عدم نبات اللحية لكونه مسبّباً عنه حينئذ ، ولو كان مناط دعوى صحّة الأُصول المثبتة هو دعوى كون أثر الأثر أثراً ، بأن يكون وجوب التصدّق من آثار الحياة لكونه أثراً لأثره الذي هو نبات اللحية ، بلا أن يكون مثبتاً لنبات اللحية ، لم يرد على التعارض المذكور ما أورده الشيخ قدسسره من الحكومة ، حيث إنّه حينئذ يكون وجوب التصدّق أثراً لكلّ من الحياة ونبات اللحية ، ويكون استصحاب بقاء الأوّل مقتضياً لثبوته ، واستصحاب عدم الثاني مقتضياً لعدمه.
لا يقال : يكون أصالة عدم نبات اللحية حاكماً على أصالة بقاء الحياة بالقياس إلى هذا الحكم أعني وجوب التصدّق ، لكونه رافعاً لموضوع هذا الحكم ، من دون أن يكون أصالة بقاء الحياة مثبتة لموضوعه الذي هو النبات ، فيكون من قبيل حكومة الأصل الموضوعي على الأصل الحكمي.
لأنّا نقول : كلا الأصلين بالقياس إلى هذا الأثر ـ أعني وجوب التصدّق ـ أصل موضوعي ، أمّا أصالة عدم نبات اللحية فواضح ، وأمّا أصالة بقاء الحياة فإنّه بعد فرض تسليم هذه الدعوى وهي أنّ أثر الأثر أثر ، يكون وجوب التصدّق من آثار الحياة ومن أحكامها ، فتكون الحياة موضوعاً لهذا الأثر ، فيكون كلا الأصلين موضوعياً بالقياس إلى هذا الأثر.
قوله : نعم ، في خصوص مثال الذباب احتمال آخر مال إليه بعض ، وهو عدم نجاسة الذباب بملاقاته للنجس ، ولعلّه لقيام السيرة على عدم الاعتناء بملاقاة الذباب الطائر من المحل النجس إلى المحل الطاهر ... الخ (١).
اعلم أنّ الشيخ قدسسره بعد أن أشكل على استصحاب بقاء الرطوبة في أحد
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٧.