ملاقاة ذلك الماء بعد ذلك لجسم الحيوان مؤثّرة في تنجّسه ، لأنّه قد تنجّس بملاقاة الدم في الدرجة الأُولى ، فلا تؤثّر فيه ملاقاته في الدرجة الثانية للمتنجّس الذي هو بدن الحيوان ، ولو أُغضي النظر عن ذلك فلا أقل من أنّ ملاقاة المتنجّس لا أثر لها مع فرض ملاقاة النجاسة. وإن لم تكن باقية فلم يتنجّس الملاقي ، وعلى أي حال لا يمكن الحكم التعبّدي بتنجّس الملاقي لجسم الحيوان وتأثّره منه.
وبعبارة أوضح : أنّا نقطع بأنّ متنجّسية بدن الحيوان لم تؤثّر في الملاقي فكيف يصحّ التعبّد ببقائها ، والمفروض أنّها لا أثر لها إلاّتنجيس الملاقي.
اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا المقدار من العلم لا يكون موجباً لسقوط الأصل التعبّدي ، فتأمّل.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال ـ أعني العلم التفصيلي بأنّ متنجّسية بدن الحيوان لا أثر لها ـ إنّما يكون متوجّهاً فيما لو كان الموجود هو عين النجاسة ، أمّا مثل الرطوبة المتنجّسة ففي توجّه الإشكال المزبور تأمّل وإشكال ، منشؤه أن ملاقاة المتنجّس الذي على بدن الحيوان وإن أثّر في تنجّس الملاقي في الدرجة الأُولى ، إلاّ أنّ ملاقاته لنفس بدن الحيوان بعد ذلك هل تكون مؤثّرة في ناحية ذلك الملاقي ، أو أنّه لا أثر للملاقاة بعد ذلك؟ والظاهر الثاني.
ولا يخفى أنّ هذا الإشكال إنّما يتوجّه فيما لو كان الأثر منحصراً بما ذكرناه من تنجيس ملاقيه ، أمّا لو كان هناك أثر آخر مثل جواز الصلاة فيه فلا غبار فيه على الاستصحاب المذكور ، مثلاً لو وقع الدم على صوف الحيوان ثمّ جزّ ذلك الصوف ، واحتملنا أنّ الدم قد زال منه قبل الجز ، وحينئذ نقول : بناءً على التنجّس نستصحب تنجّس ذلك الصوف فلا يجوز لنا الصلاة فيه ، أمّا لو قلنا بعدمه فلنا الصلاة فيه ، ولا يمنع استصحاب وجود الدم لأنّه ملحق بالمحمول ، أو لإمكان