والأولى نقل عبارته بعينها ، فإنّه بعد أن منع من صحّة الاستصحاب على تقدير كون الغليان جزء الموضوع قال : وإن كان الحكم التعليقي حكماً معلّقاً على الشرط حقيقة زيادة على تعليقه على موضوعه المقدّر وجوده ، فموضوع الحرمة هو العصير في حال العنبية ، والغليان شرط للحكم لا جزء الموضوع ، والحكم المشروط وإن لم يكن فعلياً قبل حصول شرطه كما هو التحقيق ، إلاّ أنّ الشكّ ليس في بقاء الحكم الانشائي الكلّي لموضوعه الكلّي ، بل الحكم الانشائي المنطبق على هذا الموضوع الجزئي ، وإن كانت فعليته منوطة شرعاً بوجود شرط فعليته ، فالإشكال إن كان لعدم قابلية الحكم الانشائي قبل فعليته بفعلية شرطه للاستصحاب ، فهو مدفوع بأنّ الانشاء بداعي جعل الداعي فعلاً أو تركاً هو تمام ما بيد المولى وزمامه بيده ، وإن كان فعليته البعثية أو الزجرية منوطة بشيء عقلاً أو شرعاً ، ولذا لا يشكّ في قبول الانشاء الكلّي للاستصحاب إذا شكّ في نسخه وارتفاعه الكلّي. وإن كان لعدم الشكّ في الإنشاء المجعول من الشارع ، فهو مدفوع بأنّ ما لا شكّ في بقائه هو الانشاء الكلّي لموضوعه الكلّي ، وأمّا الانشاء المتعلّق بهذا الموضوع الجزئي بسبب تعلّق الكلّي منه بكلّي الموضوع ، فهو مشكوك البقاء بعد تبدّل حالة إلى حالة (١).
وغاية ما يمكن أن يقال في توضيح ما أفاده وأفاده غيره من تصحيح الاستصحاب التعليقي : هو أنّه لا ريب في أنّ الأحكام الكلّية لا تكون فعلية ولا تنوجد في الخارج ولا تتشخّص إلاّبفعلية موضوعها وانوجاده وتشخيصه في الخارج ، ولكن هذا واضح فيما لم يكن في البين تعليق على شرط هو خارج عن حيّز الموضوع الوارد عليه الحكم ، كما في مثل حرمة الخمر ، أمّا لو كان في البين
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ١٧٣.