تعليق على شرط وقد وجد الموضوع ولكن لم ينوجد الشرط ، مثل ما نحن فيه من الحرمة الواردة على عصير العنب بشرط غليانه ، فإذا وجد العصير لكنّه فعلاً لم يطرأه الغليان ، فلا ريب في أنّ حرمته لا تكون فعلية ولا تنوجد في الخارج ، بل ولا تكون شخصية.
ولكن هناك شيء آخر ، وهو أنّ ذلك الحكم الكلّي أعني الحرمة المعلّقة على الغليان الواردة على كلّي العصير ، هل حصل فيها انتقال من تلك الكلّية الواسعة بواسطة وجود نفس العصير ، أم هي باقية على ما كانت عليه قبل وجود العصير ، ونعني بذلك الانتقال أنّها بواسطة وجود موضوعها يكون ذلك الموضوع متّصفاً بتلك الحرمة ، لكن لا فعلية بل معلّقة على غليانه ، وذلك ما نسمّيه بتشخّص الحرمة التعليقية مع بقائها على ما هي عليه من التعليق وعدم الفعلية ، إذ لا ريب في أنّ هذا العصير الموجود خارجاً وإن كان فعلاً حلالاً ، إلاّ أنّه ليس حاله حال ذلك الماء المطلق الموجود خارجاً ، بل إنّ في البين شيئاً هو الفارق بينه وبين ذلك الماء المطلق ، وليس ذلك الشيء عبارة عن كون ذلك العصير حراماً فعلاً ، إذ لا يقوله عاقل ، كما أنّ الأوّل لا يقوله عاقل أيضاً ، وهو أنّ هذا العصير الموجود يكون حاله حال ذلك الماء المطلق الموجود في عدم ارتباطه بالتحريم وعدم تعلّقه به أصلاً ، بل إنّ في البين شيئاً هو بين بين ، وليس ذلك الشيء إلاّ عبارة عن اتّصافه فعلاً بالحرمة التعليقية ، وليس ذلك عبارة عن كونه متأهّلاً للحرمة ليكون المستصحب هو الحرمة التأهّلية ، نظير الصحّة التأهّلية اللاحقة لبعض أجزاء المركّب قبل لحوق باقي الأجزاء ، لأنّ ذلك إنّما يتّجه لو قلنا إنّ الغليان جزء الموضوع ، أمّا بعد البناء على أنّ الغليان ليس إلاّشرطاً للحكم ، وأنّ تمام الموضوع إنّما هو العصير ، فلا تكون الحرمة الواردة على العصير حرمة