وإن شئت فقل : إنّه في يوم الاثنين متيقّن بالنجاسة السابقة إلى يوم الأحد ، وهو شاكّ في بقائها من ذلك اليوم ـ أعني يوم الأحد ـ إلى الآن ، فكان شكّه بالنجاسة المذكورة متّصلاً بيقينه لحصولهما معاً في آن واحد ، وليس حاله إلاّكمن التفت إلى ثوبه مثلاً في آخر الشهر ، وتيقّن أنّه كان نجساً في أوّل الشهر ، وشكّ في بقاء نجاسته المذكورة إلى الآن ، أو إلى نصف الشهر إن فرض أنّه طهّره يقيناً من نصف الشهر إلى الآن.
ولا فرق بين المثال وبين ما نحن فيه إلاّمن حيث إنّه فيما نحن فيه كان الشكّ الفعلي في نجاسة هذا الاناء مسبوقاً بيقين سابق بطهارة إناء كان معيّناً عنده وهو الآن يحتمل أنّه هو هذا الاناء ، وهذا لا يوجب إلاّ احتمال انتقاض يقينه السابق المتعلّق بالنجاسة السابقة ، وقد عرفت أنّه لا يضرّ بالاستصحاب ، فإنّ ذلك اليقين بالطهارة لأجل طروّ التردّد يكون شكّاً فعلياً ، ولو كان مضرّاً لكان اللازم اختصاص الاستصحاب في الأُمور الماضية بما إذا كان الشكّ في البقاء ناشئاً عن الغفلة ، دون ما إذا كان ناشئاً عن احتمال الالتفات والنسيان ، كما لو علم أنّ ثوبه نجس سابقاً واحتمل أنّه طهّره فيما سبق ، بحيث إنّه لو طهّره لكان حين تطهيره له عالماً ملتفتاً ، فإنّه من هذه الجهة مثل ما نحن فيه ، حيث إنّه يحتمل أنّه قد انتقض يقينه بنجاسة ثوبه باليقين بطهارته.
ومثل ذلك ما لو كان قد تيقّن الحدث وشكّ في الوضوء ، فإنّ الوضوء على تقديره يكون ملتفتاً إليه ، وأنّه على تقدير صدور الوضوء منه فيما تقدّم يكون يقينه بالحدث السابق منتقضاً باليقين بالوضوء.
ولا فرق بين هذه الأمثلة وبين ما نحن فيه إلاّ أنّ المكلّف فيما نحن فيه عالم حين الاستصحاب أنّ يقينه السابق المتعلّق بالنجاسة قد انتقض باليقين بالطهارة