الاستصحاب ، لا فيما مضى من اليقين الذي قد ارتفع بطروّ الشكّ فعلاً من جهة اشتباه الاناءين أو الدمين أو المتقدّم والمتأخّر من الحادثين ، فنسبة هذا الشكّ المتأخّر إلى اليقين الذي طرأ فيما مضى ، كنسبة الشكّ الساري إلى ذلك اليقين السابق الذي هو غير موجود فعلاً.
قوله : والحاصل أنّه فرق واضح بين العلم الاجمالي بطهارة أحد الاناءين وبين العلم التفصيلي بطهارة خصوص الاناء الشرقي ، فإنّ العلم بالطهارة في الأوّل إنّما يصير سبباً ... الخ (١).
حاصل هذا الفرق : هو أنّ الشكّ في طهارة كلّ من الاناءين ونجاسته في الصورة الأُولى مسبّب عن العلم الاجمالي ، وهو ـ أعني العلم الاجمالي ـ في الصورة الأُولى حاصل في يوم الأحد ، فيكون يوم الأحد الذي هو يوم الشكّ متّصلاً بيوم اليقين بنجاسة كلّ منهما الذي هو يوم السبت ، بخلاف الصورتين الأخيرتين ، فإنّ الشكّ في كلّ واحدة من الصورتين مسبّب عن اشتباه الاناءين اللذين علم في يوم الأحد بطهارة أحدهما تفصيلاً ونجاسة الآخر ، فيكون الشكّ حاصلاً في يوم الاثنين ، لأنّ سببه الذي هو اشتباه أحدهما بالآخر إنّما حصل في يوم الاثنين ، وحينئذ يكون يوم الأحد فاصلاً بين يوم اليقين الذي هو يوم السبت ويوم الشكّ الذي هو يوم الاثنين.
وفيه : أنّ هذا كلّه مسلّم ، إلاّ أنّ الشكّ في طهارة كلّ منهما يوم الاثنين لم يكن متعلّقه الذي هو الطهارة مظروفة ليوم الاثنين ، بل إنّ متعلّقه هو الطهارة يوم الأحد ، لأنّ حاصل شكّنا هو أنّا في يوم الاثنين شاكّون في طهارة هذا الاناء يوم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٥١٥.