فبعد التعارض يكون المرجع هو قاعدة الطهارة وحلّ الأكل. وكذلك الحال في السمك الذي تحقّق فيه الموت والاخراج من الماء ، لو شكّ في أنّ موته كان قبل الإخراج فيكون ميتة ، أو أنّه كان بعد الاخراج فيكون مذكّى.
وقد يقال : إنّ هذا التعارض مبني على كون التذكية معنى مركّباً من الذبح والحياة ، أمّا بناءً على كونها أمراً بسيطاً حاصلاً من اجتماع الشرائط وهو الذبح مع الحياة ، فلا يجري فيه إلاّ استصحاب عدم التذكية ، ولا يجري فيه استصحاب الحياة إلى حين طروّ التذكية لكونه مثبتاً ، وفيه تأمّل.
وينبغي مراجعة مباحث التذكية ، وأنّ أصالة عدم التذكية هل يشمل مثل ما نحن فيه ممّا علم فيه الذبح والموت وشكّ في المقدّم منهما ، أو أنّه مختصّ بخصوص ما لو شكّ في أصل الذبح على نحو الشبهة البدوية.
وقد يقال أيضاً : إنّ التذكية هي أن يكون زهوق روح الحيوان بالذبح على وجه يكون موته مستنداً إليها ، فلا ينفع فيه استصحاب الحياة إلى حين الذبح ، ولعلّ في كلمات الجواهر في المسألة الثالثة من خاتمة الذباحة إيماءً إلى ذلك فراجع (١) ، وكذلك كلماتهم في اعتبار استقرار الحياة. بل في رواية حمران ، قال : « سألته عن الذبح ، فقال عليهالسلام : إن تردى في جب أو وهدة من الأرض فلا تأكل ولا تطعم ، فإنّك لا تدري التردّي قتله أو الذبح » (٢) وإن قال صاحب الجواهر : لم نجد العامل به ممّن يعتدّ بقوله (٣) ، ومراده بذلك ما تضمّنه صحيح زرارة : « وإن ذبحت فأجدت الذبح فوقعت في النار أو في الماء أو من فوق بيتك إذا كنت قد أجدت
__________________
(١) جواهر الكلام ٣٦ : ١٩٠ ـ ١٩١.
(٢) وسائل الشيعة ٢٤ : ٢٦ / أبواب الذبائح ب ١٣ ح ٢ ( مع اختلاف يسير ).
(٣) جواهر الكلام ٣٦ : ١٥٠.