الثبوت مهملاً من هذه الجهات ، فكذلك الحال في نفس الوجوب ، فإنّ الآمر عندما يجعله للاكرام لابدّ أن يلاحظه ، إذ لابدّ للحاكم في حال جعله الحكم من ملاحظة كلّ من الحكم والمحكوم عليه ، وحينئذ ففي مقام جعله الوجوب للاكرام لابدّ أن يلاحظ الوجوب الذي هو بصدد جعله للاكرام ، وهل لاحظه موجوداً في زمان معيّن ، أو لاحظه موجوداً في كلّ آن؟ ولا يمكن التجريد عن كلّ من هاتين الملاحظتين إلاّللغافل.
وإن شئت فقل : إنّه في مقام خلقه للوجوب تشريعاً هل خلقه قصيراً ، وذلك محصّل كونه مقصوراً في زمان معيّن ، أو خلقه طويلاً وذلك عبارة عن كونه موجوداً ومستمرّاً في جميع الأزمنة ، ولا يعقل أن يكون الوجوب في مقام خلقه وإيجاده مهملاً معرّى عن كلّ من القصر والطول ، كما أنّ إيجاد الشيء تكويناً يستحيل أن يكون ذلك الشيء الذي كوّنه المكوِّن معرّى عن كلّ من القصر والطول ، وليس القصر في الوجوب منحصراً بوجوده في آن خاص كي يقال : يمكن أن يكون في البين شقّ ثالث ، وهو الوجود في بعض الآنات أيّ آن كان ، فإنّ ذلك ـ أعني وجوده في أيّ آن من الآنات ـ عبارة عن القصر أيضاً في قبال الطول الذي هو عبارة عن الوجود في كلّ آن.
والخلاصة : أنّ الآمر في مقام جعله الوجوب على الاكرام يمكنه لحاظ الوجوب موجوداً في كلّ آن فيجعله للاكرام ، وبذلك يكون الوجوب المجعول موجوداً في كلّ آن ، وهو معنى العموم الأزماني في ناحية الحكم الذي هو الوجوب ، كما يمكنه أن يلاحظ الاكرام موجوداً في كلّ آن ويعلّق الوجوب به ، وهو معنى العموم الأزماني في ناحية المتعلّق ، وأحد الجعلين يغني عن الجعل الآخر لما عرفته من الملازمة بين الجهتين ، فتأمّل.