المتعلّق الذي هو الاكرام ، وأخذه في ناحية الحكم الذي هو نفس الوجوب الوارد على الاكرام ـ متلازمتان ، وأيّ من هاتين تحقّقت بالقصد تكون الأُخرى متحقّقة قهراً ، كما قلناه في مسألة دوران الأمر في القيد بين رجوعه إلى المادّة ورجوعه إلى مفاد الهيئة ، فإنّك لو أخذت العموم الأزماني ـ أعني قولك : في كلّ زمان ـ مربوطاً ومتعلّقاً بالاكرام ، ليكون محصّله أنّ الاكرام في كلّ آن واجب ، كان ذلك موجباً قهراً لوجود الوجوب في كلّ آن ، كما أنّك لو أخذته في ناحية الوجوب وقلت : يجب في كلّ آن الاكرام ، كان ذلك موجباً قهراً لكون الاكرام موجوداً في كلّ آن ، وحينئذ لا يتمّ الفرق بين الجهتين في أنّ الثانية منهما وهي تقيّد الوجوب بوجوده في كلّ آن لابدّ أن يتكفّلها دليل آخر غير دليل وجوب الاكرام ، بخلاف الجهة الأُولى منهما وهي تقيّد الاكرام بكونه في كلّ آن ، بدعوى أنّها يتكفّلها الدليل الدالّ على وجوب الاكرام ، وكيف تتمّ هذه التفرقة مع فرض أنّ الجهتين متواردتان على جملة واحدة ، وهي قولنا : يجب الاكرام في كلّ آن ، وأنّ هذه الجملة يمكن أن يكون قولنا فيها : في كلّ آن ، متعلّقاً بالاكرام ، ويمكن أن يكون متعلّقاً بالوجوب.
وحاصله : أنّ الآمر في مقام جعله الوجوب وخلقه له تشريعاً ، يمكنه لحاظ « كلّ آن » في ناحية الإكرام كما يمكنه لحاظه في ناحية الوجوب. ودعوى أنّ لحاظه الوجوب في كلّ آن متأخّر عن جعله ، فلا يمكن أن يكون الدليل المتكفّل لأصل جعل الوجوب متكفّلاً لعمومه الأزماني الذي هو عبارة عن كونه موجوداً في كلّ آن لا تخلو عن تأمّل ، فإنّ الآمر عندما يورد الوجوب على الاكرام لابدّ أن يلاحظ الاكرام في ذلك الحال ، وهل لاحظه موجوداً في كلّ آن وحكم عليه بالوجوب ، أو لاحظه موجوداً في بعض الآنات ، أو لاحظه موجوداً في آن معيّن وحكم عليه؟ ويستحيل أن يكون الاكرام في حال إيراد الوجوب عليه في مقام