التواضع في مثاله قدسسره ، أو الوفاء في الآية الشريفة ، فإنّه بعد فرض أنّ المتكلّم لم يأخذ الزمان ظرفاً للفعل في لسان الدليل ، كي نتكلّم عنه أنّه لاحظ القطعات أو لاحظه زماناً واحداً مستمرّاً مستطيلاً ، بل لم يتكفّل الدليل إلاّتعليق الوجوب بالوفاء ، فأوّل درجة يحكم بها إطلاق المتعلّق هو الاكتفاء بأوّل وجود من الوفاء في أيّ زمان كان ، كما أنّ هذا شأنه في أفراد الوفاء العرضية ، لكن هذا المقدار من التعميم البدلي من حيث الأفراد الطولية التي يفرّدها الزمان غير مراد قطعاً ، لكون وجوبه لغواً ، فتنزيهاً للحكم المذكور عن اللغوية نحكم بسقوط هذا الاحتمال ، وحينئذ يدور الأمر بين كون المراد هو الوفاء في زمان خاصّ كسنة من حين العقد ، وبين إرادة مطلق الوفاء الذي يلزمه الاستمرار والدوام ، والاحتمال الأوّل ساقط لكونه محتاجاً إلى البيان ، فيتعيّن الاحتمال الثاني.
ثمّ لابدّ من بيان الفرق بين كون المراد هو الوفاء المطلق الموجود في تمام الأزمنة المعبّر عنه بالوفاء الدائم الذي هو أمر وحداني ، وبين كون المراد هو مطلق الوفاء الذي عرفت أنّه بعد القطع بعدم إرادة فردٍ ما منه لكونه موجباً للغوية الحكم يكون عبارة عن تعليق الوجوب بمطلق الوفاء ، الذي يكون لازمه الدوام والاستمرار ، وآنات الوفاء على الأوّل أجزاء المكلّف به وعلى الثاني أفراده.
والمراد بالاطلاق في المقام هو الثاني دون الأوّل ، لأنّ الأوّل عبارة أُخرى عن التقييد الذي عرفت أنّه يحتاج إلى بيان ، فهو على حدّ سواء مع تقييد الوفاء بسنة مثلاً ، إذ لا فرق بين أن يقيّد الوفاء بسنة أو يقيّده بتمام الزمان من أوّل العقد إلى آخر الدهر ، وإذا كان المتعيّن هو الثاني كان قابلاً للتمسّك به فيما عدا ما ثبت خروجه.
قلت : وفيه : أنّ الأوّل وإن كان راجعاً إلى التقييد ، إلاّ أنّه لمّا كان غير محتاج