أفاده من الوجه الثاني قابل للتمسّك به في مقام الشكّ بعد خروج ما خرج ، كما أنّ الأوّل غير قابل له ، والشيخ قدسسره ينزّل الاطلاق على الأوّل ، وهو قدسسره ينزّله على الثاني ولا ريب في أنّ عدم البيان قرينة على إرادة ما لا يحتاج إلى بيان ، فالعمدة هي أنّ أيّهما المحتاج إلى البيان ، ولا شكّ في عدم احتياج الثاني إليه ، وإنّما الإشكال في الأوّل ، والظاهر أنّه كذلك ، أعني أنّه يكفي في أخذ الاطلاق قيداً عدم التقييد بقيد خاصّ ، لكنّه إنّما يتمّ فيما لو دار الأمر بينهما ، بأن دار الأمر فيما نحن فيه بين التقييد بسنة والتقييد بالدوام الذي هو عبارة عن التقييد بالاطلاق ، ولم يكن في البين شقّ ثالث ، وهو صرف الطبيعة القاضي بالسريان والاستمرار.
والذي أظن أنّ تعلّق الوجوب بصرف الطبيعة لا يقتضي السريان ، وإنّما ذلك في النواهي ، وأمّا باب الأوامر فلا يكون تعلّقها بالطبيعة إلاّقاضياً بمطلوبية صرف الوجود المنطبق على أوّل وجود ، وهو المعبّر عنه بالعموم البدلي ، وبعد امتناع إرادته في المقام يتعيّن حمل الاطلاق وعدم البيان على عدم إرادة التقييد بما يحتاج إلى البيان كسنة ونحوها من حين العقد ، ومن الواضح انحصار المراد ـ بعد ثبوت عدم إرادة صرف الوجود وبعد عدم إرادة المقيّد بزمان خاصّ ـ بما يكون دائمياً ، غايته أنّه مراد بما أنّه مصداق لصرف الطبيعة ، لا بما أنّه مقيّد بالدوام ، ولعلّ هذا هو مراده من النحو الثاني ، لكنّه على هذا لا يتعيّن الدوام ، بل يمكن اختيار الوفاء بمدّة طويلة مثل سنة في قبال اختيار الدوام ، لأنّه ليس من قبيل الوفاء آناً ما لتلزم اللغوية ، ولا من قبيل التقييد بتلك المدّة الخاصّة ليقال إنّ التقييد بها محتاج إلى البيان ، مع أنّه من مصاديق صرف الطبيعة ، فلا مانع من الاكتفاء به ، ويؤيّد ذلك أنّه جعله جزئياً وفرداً من الواجب ، إذ مع كونه فرداً ينبغي الاكتفاء به ، ولكنّه غير ممكن ، وإلاّ عاد محذور اللغوية ، وحيث إنّه لم يمكن الاكتفاء به دلّ