ذلك على أنّ المراد هو العموم الشمولي أو المجموعي أو هو الدوام والاستمرار ، ولا ثالث في البين ، وحيث إنّ العموم الشمولي أو المجموعي يتوقّف على لحاظ القطعات مجتمعة أو متفرّقة ، والمفروض أنّ المتكلّم لم يلاحظ قطعات الوفاء بحسب تقطيع الزمان كان المتعيّن هو الثاني ، لأنّ الدوام لا يتوقّف على أزيد من لحاظ طبيعة الوفاء الواحد المالئ للزمان الواحد ، وهذا يمكن إحرازه بعد انسداد احتمال مطلوبية صرف الوجود ومطلوبية الوفاء في زمان مخصوص ، فلاحظ وتأمّل.
وينبغي مراجعة ما أفاده المرحوم الحاج آغا رضا قدسسره في كتاب البيع (١) ، ولعلّ فيه بعض المنافاة لما ذكره في حاشية الرسائل.
قال المرحوم الأصفهاني في حاشيته : إنّ للعام الذي لوحظ الزمان الواحد ظرفاً لاستمرار حكمه ـ إلى قوله ـ ومقتضى إطلاقه أنّ هذا الحكم ثابت لهذا الفرد كسائر الأفراد في هذا الزمان المستمرّ ، من دون تخصّصه بوجود خصوصية محدّدة ولا بعدمها (٢).
لا يخفى أنّ مثل قوله تعالى : ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) لا تعرّض فيه للزمان ، فمن أين جاء هذا المعنى وهو أنّ كلّ فرد من أفراد العقود يثبت له هذا الحكم ـ أعني وجوب الوفاء ـ في الزمان المستمرّ ، كي نتكلّم على إطلاقه وأنّه لم يتخصّص بخصوصية خاصّة من وجود أو عدم.
نعم ، إنّ الوفاء زماني لابدّ أن يكون واقعاً في زمانٍ ما ، فوجوبه على هذا النحو من الاطلاق القاضي بأنّ المطلوب هو وفاءٌ ما في زمانٍ ما يكون لغواً ، فلابدّ
__________________
(١) راجع حاشية كتاب المكاسب : ٥٠٤ ـ ٥٠٧.
(٢) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٢١٩ ـ ٢٢٠.