من استكشاف أنّ المطلوب هو الوفاء في كلّ آن ، أو الوفاء المستمرّ ، أو أنّ وجوبه موجود في كلّ آن ، أو أنّ وجوبه مستمر من أخذ العموم الأزماني مقطّعاً أو دواماً في الحكم أو في المتعلّق. ومن الواضح أنّ هذا أمر آخر لا دخل له بالاطلاق المفيد للدوام والاستمرار ، ولو سلمت القضية من هذه اللغوية كما في مثل أكرم كلّ عالم ، لم يكن الاطلاق فيها قاضياً إلاّبوجوب طبيعة الإكرام غير مقيّدة بنحو خاصّ من الاكرام ، ولا بمكان خاصّ ولا بزمان خاصّ ، فلا تكون نتيجة هذا الاطلاق إلاّ العموم البدلي من هذه النواحي الثلاثة ، وقضية ذلك هو الاكتفاء بإكرام العالم في أيّ زمان شاءه المكلّف ، فلا يكون نتيجته إلاّ الايجاب الجزئي ، فلو ثبت أنّ زيداً لا يجب إكرامه أو يحرم إكرامه في يوم السبت ، لم يكن ذلك منافياً لما تضمّنته القضية الأُولى من وجوب إكرامه في زمان ما ، فلا يكون في البين دخول ولا خروج لو تمسّكنا بعموم قوله : يجب إكرام كلّ عالم ، في حقّ زيد بالنسبة إلى غير يوم السبت كي يترتّب عليه قوله : فإن أُريد التمسّك بحيثية عمومه فالأمر كما مرّ ، حيث إنّ الواحد لا يعقل أن يكون خارجاً وداخلاً ، بل خروج الواحد إذا ثبت فبالملازمة العقلية يقال بخروجه بقول مطلق ، ولا يعقل الشكّ في شمول هذا الحكم المجعول له أصلاً (١).
نعم ، لو تمّ ما أفاده بقوله : ومقتضى إطلاقه أنّ هذا الحكم ثابت لهذا الفرد كسائر الأفراد في هذا الزمان المستمرّ من دون تخصّصه بوجود خصوصية محدّدة ولا بعدمها ، انتهى لكان حاصل الاطلاق هو كون مركز الحكم هو الدوام والاستمرار في عمود الزمان ، وحينئذ يكون زيد المذكور في يوم السبت خارجاً عن العموم قطعاً ، لا أنّه داخل في غير يوم السبت وخارج في يوم السبت كي يلزم
__________________
(١) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ٢٢٠.