بوجوب الشيء منجّزاً ، وكلّ واحد من القطعين مشمول حرمة النقض ، بلا وجه لتقدّم أحدهما على الآخر بعد فرض عدم كون ارتفاع أحدهما من آثار الآخر شرعاً كي يصير أحد الاستصحابين حاكماً على الآخر الخ (١).
وحاصله : أنّ هذا الجواب الذي في الكفاية إنّما ينفع لو كانت الحلّية المستصحبة هي الحلّية الثابتة للعنب ، أمّا الحلّية الثابتة للزبيب فتلك حلّية منجّزة ، فلا يتأتّى فيها ما أفاده في الكفاية من كون استصحابها موافقاً لاستصحاب الحرمة المعلّقة ، فراجع ج ١ من المستمسك ص ٩٢ (٢) وج ٢ من الحقائق ص ٤٧٠ (٣).
وينبغي مراجعة حاشية العلاّمة الأصفهاني قدسسره (٤) فإنّه أوّلاً قد صرّح بمنع كون حلّية عصير العنب مغيّاة شرعاً بالغليان ، وبأنّ استصحاب تلك الحلّية لا يقتضي ارتفاعها بالغليان إلاّبالأصل المثبت ، لعدم كون ارتفاعها به بحكم الشارع ، بل هو بواسطة حكم العقل بارتفاع أحد الضدّين وهو الحلّية عند وجود الضدّ الآخر وهو التحريم عند الغليان ، وحينئذ يكون استصحاب تلك الحلّية معارضاً لاستصحاب الحرمة التعليقية.
ثمّ أفاد بعد ذلك ما حاصله : أنّه لو قلنا بكون الغاية شرعية والحلّية المجعولة مغيّاة شرعاً ، كان ذلك موجباً لسقوط استصحاب تلك الحلّية المغيّاة بعد حصول الغاية ، لكن يجري استصحاب الحلّية المهملة للزبيب ، للقطع بأنّه حلال فعلاً إمّا بالحلّية المغيّاة كالعنب ، أو بحلّية مطلقة حادثة بعد التبدّل إلى
__________________
(١) مقالات الأُصول ٢ : ٤٠٣.
(٢) مستمسك العروة الوثقى ١ : ٤٢٢ ـ ٤٢٣.
(٣) حقائق الأُصول ٢ : ٤٧٠.
(٤) نهاية الدراية ٥ ـ ٦ : ١٧٦ ـ ١٧٧.