أُخرى لكونه موضوعاً آخر غير العنب ، فعلى هذا التقدير يحصل لنا التردّد في الحلّية الثابتة في حال الزبيبية ، هل هي الحلّية السابقة التي كانت في حال العنب ، أو هي حلّية جديدة مختصّة بالزبيب ، وإن كان كلّ من الحلّيتين غير محدودة بالغليان ، إلاّ أنّ الأُولى قابلة للارتفاع القهري بالغليان ، بخلاف الثانية.
وحينئذ تكون النتيجة هي أنّا بعد الغليان قاطعون بارتفاع الحلّية السابقة التي كانت حال العنبية ، إمّا بتبدّل موضوعها أو بحصول رافعها القهري ، وهو الحرمة الآتية من قبل الغليان ، أمّا الحلّية التي كانت موجودة في حال الزبيبية فهي مردّدة عندنا بين الحلّية السابقة والحلّية الجديدة ، وعلى الأوّل هي مقطوعة الارتفاع بالغليان ، وعلى الثاني هي مقطوعة البقاء ، ويكون الحاصل هو أنّ الحلّية السابقة قد ارتفعت يقيناً ، لكن هل كان ارتفاعها من حين التبدّل فقد خلفتها حلّية أُخرى هي باقية حتّى بعد الغليان ، أو أنّه كان ارتفاعها بالغليان فلم تخلفها حلّية أُخرى ، فيكون المقام من استصحاب الكلّي الذي علم ارتفاع فرده وشكّ في أنّه عند ارتفاعه خلفه فرد آخر أو لم يخلفه ، إن كان المنظور إليه هو مجموع حالاته من العنبية إلى الزبيبية ، وإن كان المنظور إليه هو خصوص حالته الزبيبية ، كان من قبيل الفرد المردّد وكان من قبيل القسم الثاني من الكلّي.
لا يقال : بناءً على الوجه الأوّل ـ أعني كون حلّية العنب غير محدودة شرعاً بالغليان ، وأنّها لا تتبدّل بحلّية أُخرى عند التبدّل إلى الزبيبية ـ ينبغي أن يقال : إنّ استصحاب الحرمة التعليقية يكون حاكماً على استصحاب تلك الحلّية ، إذ لم يكن الشكّ حينئذ إلاّمن ناحية واحدة ، وهي بقاء تلك الحرمة التعليقية ، فإذا جرى الاستصحاب فيها زال الشكّ المذكور ، وكان عند حصول الغليان محكوماً بالحرمة الفعلية ، وذلك عبارة أُخرى عن عدم بقاء الحلّية ، ولأجل ذلك لم يتردّد