وفي استصحاب الاشتغال من قبيل استصحاب الكلّي المتحقّق في ضمن ( الفرد ) المردّد بين المرتفع والباقي ، وقد عرفت عدم جريان الاستصحاب في الصورة الأُولى إلاّفي بعض مواردها بمساعدة العرف (١).
فالشيخ قدسسره يعترف بأنّ الاستصحاب فيما نحن فيه من قبيل القسم الثالث ، لأنّ الفرد من الوجوب الذي كان موجوداً سابقاً هو وجوب الخمسة قد علم بارتفاعه ، غايته أنّه قد حصل الشكّ في قيام وجوب الأربعة مقامه عند ارتفاعه بتعذّر الخامس ، غايته أنّه حاول تصحيحه بالتسامح العرفي ، بدعوى عدم الفرق بين الوجوبين عرفاً ، وأنّه لو وجبت الأربعة بعد تعذّر الخامس لكان وجوبها معدوداً في نظرهم بقاءً للوجوب السابق ، فقال : وقد عرفت أنّه لولا المسامحة العرفية في المستصحب وموضوعه لم يتمّ شيء من الوجهين ( يعني الثاني والثالث ). والمحتاج إلى التسامح العرفي في الموضوع هو الثاني ، والمحتاج إليه في المستصحب نفسه هو الثالث. وفي بعض النسخ الضرب على لفظ « الوجهين » وإبدالها بـ « التوجيهات » ليشمل الوجه الأوّل ، فإنّه أيضاً محتاج إلى التسامح في المستصحب وهو القدر الجامع بين الوجوب النفسي والغيري ، بدعوى كون اختلافهما من قبيل الاختلاف في المراتب.
ثمّ أشكل على هذه المسامحة العرفية فقال : لكن الإشكال بعدُ في الاعتماد على هذه المسامحة العرفية المذكورة ، إلاّ أنّ الظاهر أنّ استصحاب الكرّية من المسلّمات عند القائلين بالاستصحاب ، والظاهر عدم الفرق (٢).
ولعلّ السرّ في كون استصحاب كلّي التكليف في موارد استصحاب
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٣.
(٢) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨٢.