الاشتغال من قبيل الفرد المردّد بين المرتفع والباقي هو أنّ المكلّف بعد تعذّر الخامس يعلم أنّه قد تحقّق الوجوب في حقّه قبل تعذّر الخامس ، ولكنّه يشكّ في أنّ ذلك الوجوب السابق هل كان هو وجوب الخمسة فقد ارتفع ، أو كان هو وجوب الأربعة وأنّ الخامس لم يكن واجباً أصلاً فقد بقي ، فلاحظ وتأمّل.
وينبغي أن يعلم أنّ المسامحة المدعاة لو تمّت في الوجه الثالث لكنّا في غنى عن استصحاب الكلّي ، بل يكون المستصحب هو شخص الوجوب السابق ، وهكذا الحال في الوجه الأوّل ، بل إنّ ذلك ـ أعني الاستغناء عن استصحاب الكلّي ـ جار حتّى في مثل السواد الشديد والضعيف ، فإنّهما بعد أن كانا شيئاً واحداً بنظر العرف يكون المستصحب هو نفس السواد الموجود سابقاً ، غايته نأخذه معرّى عن مرتبة الشدّة ، ولعلّ ذلك ـ أعني التعرية المذكورة ـ هو المراد من كونه كلّياً فتأمّل.
ثمّ لا يخفى أنّ السيّد ( سلّمه الله ) ذكر الوجه الثاني الذي ذكره الشيخ قدسسره ، لكنّه جعله ثالثاً ، فقال : الثالث استصحاب الوجوب النفسي المتعلّق بالمركّب ـ إلى قوله ـ وهذا الوجه وإن كان أحسن ما يمكن أن يقال في المقام. ثمّ أشكل عليه بما تضمّنه تحرير الشيخ محمّد علي رحمهالله فقال : إلاّ أنّه إنّما يصحّ التمسّك به في الموضوعات العرفية ـ ثمّ قال ـ ولكنّه يمكن أن يقال : إذا كان الباقي هو معظم أجزاء العبادة الخ (١).
ولا يخفى أنّه مع فرض عدم اطّلاع العرف على ما هو الركن في العبادة كيف يمكن الجزم بأنّ ما هو المفقود غير ركن كي ينفعه الركون إلى كون الباقي هو المعظم.
__________________
(١) أجود التقريرات ٤ : ١٧٧ ـ ١٧٨.