نفس وجوب الأربعة الذي كان طارئاً عليها عندما كان طارئاً على الخمسة ، نظير بياض هذا الجزء بعد أن زالت بعض أجزاء الجسم فإنّه عين بياض ذلك الجزء قبل أن تزول بقيّة الأجزاء ، فلا يكون وجوب التشهّد الذي نريد أن نحكم ببقائه إلاّ ذلك الوجوب الذي كان طارئاً عليه عند التمكّن من باقي الأجزاء ، وهو بعينه باقٍ بحكم الاستصحاب ، وحينئذ فلا تصحّ هذه التعبيرات ، بل الصحيح هو قوله في الجواب : فيكون وجوبه قبل تعذّر بقيّة الأجزاء نحواً يغاير وجوبه بعد تعذّرها عرفاً وإن كان هو هو حقيقة الخ.
ولكن بعد تسليم الاتّحاد الحقيقي هل تسمع دعوى التغاير العرفي ، وهل يفرّق العرف بين بياض هذا الجزء الحقير الباقي من ذلك الجسم وبين بياض نفس ذلك الجزء عندما كان الجسم موجوداً بتمامه ، ولو سلّمنا الفرق بين نظرهم في مثل البياض ونظرهم في مثل الوجوب فيقال : إنّ الوجوب في نظرهم مختلف بخلاف البياض ، فهل يعتنى بهذا النظر منهم ، مع أنّا قد سددنا باب تسامحهم في الشرعيات ، وهذا كلّه إنّما نشأ من البناء على أنّ ذوق الفقهاء على عدم إجراء الاستصحاب في باب الصلاة فيما لو تعذّر المعظم ، وقد عرفت إمكان تطرّق الانكار إلى ذلك ، نعم لعلّهم إنّما منعوا من الاستصحاب لكون المتعذّر المعظم هو عبارة عن أغلب الأركان ، بل قد عرفت إمكان إنكار منعهم حتّى في هذه الصورة التي يكون المتعذّر هو أغلب ما يسمّونه بالأركان.
ويبقى الكلام في النقض الآخر الذي ذكره الشيخ قدسسره (١) وهو ما لو كان المتعذّر هو الشرط ، بناءً على أنّ الذات المجرّدة عن القيد لا تكون مركباً للوجوب النفسي في مورد تعلّق الوجوب بالذات المقيّدة ، إلاّ أن يدفع بدعوى
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٨١.