ثمّ بعد هذا أفاد في ليلة أُخرى ما نصّه على ما حرّرته عنه قدسسره : لا يقال : إنّ ترتّب ارتفاع الحلّية المذكورة على الحكم ببقاء تلك الحرمة التعليقية التي تحقّق ما علّقت عليه إنّما يكون بالملازمة العقلية ، لأنّه من قبيل الحكم بارتفاع أحد النقيضين ( الضدّين ) عند الحكم بتحقّق ضدّه الآخر. لأنّا نقول : قد حقّقنا في محلّه في مسألة اللباس المشكوك أنّ ارتفاع الحلّية عند الحكم بالحرمة أو العكس لا يكون موجباً لكون الأصل مثبتاً ، بل إنّ ارتفاع أحدهما عين ثبوت الآخر ، ولا أقل من كونه مترتّباً شرعاً على الحكم به ، انتهى.
قلت : أمّا السببية فبرهانها هو أنّ بقاء الحلّية ليس منشؤه مجرّد اختصاص الحرمة التعليقية بخصوص العنب ، إذ ربما كان ذلك الحكم وهو الحرمة التعليقية مختصّاً بخصوص العنب لأجل صيرورته بالغليان سمّاً قاتلاً ، وأنّه لو تبدّل إلى الزبيبية يخرج عن كونه سمّاً فيكون مباحاً ، ولكن يحتمل أن يحدث بالغليان بعد الزبيبية حكم آخر غير الحرمة السابقة ، بأن يكون حينئذ مكروهاً أو يكون واجباً أو نحوهما ، بل يحتمل أن تحدث حرمة أُخرى مترتّبة على غليان الزبيب غير الحرمة المترتّبة على غليان العنب ، ولو لأجل ملازمة غليان الزبيب لعنوان موجب لحرمته ، بأن لا يكون غليان العنب محرّماً لخصوصية في العنب ، مع فرض عدم كون غليانه موجباً لصيرورته مسكراً ، ولا يكون غليان الزبيب في حدّ نفسه واجداً لتلك الجهة التي أوجبت التحريم في غليان العنب ، لكن كانت فيه خصوصية أُخرى أوجبت تحريمه وهي الاسكار مثلاً ، وبناءً على ذلك فلا يكون مجرّد اختصاص حرمة العصير الغالي بالعنب موجباً لبقاء حلّية العصير الزبيبي بعد الغليان ، كي يكون الشكّ في بقاء الحلّية المذكورة مسبّباً عن احتمال اختصاص تلك الحرمة المعلّقة بالعنب.