ويتلخّص من ذلك : أنّ بقاء الحلّية متوقّف على خلوّ صفحة الوجود من تلك الحرمة وغيرها ، وخلوّه من تلك الحرمة مسبّب عن اختصاص الحكم بها بحال العنبية ، ففي ناحية الحرمة لا نحتاج إلى أزيد من أن نقول الحكم عام فتبقى الحرمة فترتفع الحلّية ، لكن في ناحية الحلّية نحتاج إلى القول بأنّ الحكم خاصّ فترتفع الحرمة وغيرها ، فتبقى الحلّية فترتفع الحرمة (١).
والحاصل : أنّ الحكم ببقاء الحرمة هنا رافع للحلّية ، بخلاف الحكم ببقاء الحلّية فإنّه لا يرفع الحرمة ، لكونه معلولاً للحكم بارتفاعها ، وحينئذ فيكون الشكّ في بقاء الحرمة سببياً بالنسبة إلى الشكّ في بقاء الحلّية.
وليس المراد أنّ ارتفاع الحلّية معلول لبقاء الحرمة ، أو أنّ بقاء الحلّية معلول لارتفاع الحرمة ، لما هو واضح من أنّه لا تقدّم رتبي بين وجود أحد الضدّين وعدم الآخر ، بل المراد أنّ انتفاء الحلّية تعبّداً معلول لبقاء الحرمة تعبّداً ، وأنّ بقاء الحلّية تعبّداً معلول لارتفاع الحرمة تعبّداً ، هذا.
ولكن الإنصاف أنّ المسألة لم تخرج عن كون وجود أحد الضدّين وهو الاباحة فيما نحن فيه متوقّفاً ومتسبّباً عن عدم ضدّه الآخر وهو الحرمة ، فلا تكون إلاّ من قبيل توقّف وجود أحد الضدّين على عدم الآخر ، أو على رفع الضدّ الموجود وهو الحرمة ، فإنّها كانت موجودة على [ تقدير ] الغليان ، فيتوقّف بقاء الاباحة ووجودها فيما بعد الغليان على ارتفاع ذلك الضدّ الموجود وهو الحرمة ، وحينئذ فيكون إثبات السببية في غاية الإشكال ، هذا (٢)
__________________
(١) [ هكذا في الأصل ، والظاهر زيادة « فترتفع الحرمة » ].
(٢) [ لمّا وصل المصنّف إلى هذه العبارة كتب في الهامش بيتين معروفين من الشعر