فيما تقدّم نقله (١) ، وذلك قوله فيما حرّرته عنه في مقام الجواب عن إشكال المثبتية : لأنّا نقول قد حقّقنا في محلّه في مسألة اللباس المشكوك أنّ ارتفاع الحلّية عند الحكم بالحرمة أو العكس لا يكون موجباً لكون الأصل مثبتاً ، بل إنّ ارتفاع أحدهما عين ثبوت الآخر ، ولا أقل من كونه مترتّباً شرعاً على الحكم به ، انتهى فلاحظ.
وإن شئت فقل : إنّ ما هو المعروف من أنّ استصحاب عدم أحد الضدّين لا يثبت الضدّ الآخر إلاّبالأصل المثبت وإن كان صحيحاً ، إلاّ أنّ عكسه وهو أنّ استصحاب وجود أحد الضدّين لا يثبت عدم الآخر يمكننا القول بعدم صحّته ، لأنّ استصحاب وجود أحد الضدّين يكون دائماً مقروناً باستصحاب عدم الضدّ الآخر ، حيث إنّ كلّ وجود للضدّ لابدّ أن يكون مقروناً بعدم الآخر.
وبناءً على ذلك يكون استصحاب الحرمة دائماً مقروناً باستصحاب عدم الوجوب ، كما أنّ استصحاب الوجوب يكون مقروناً دائماً باستصحاب عدم الحرمة ، فلو تعاقب على الشيء حالتان في إحداهما كان واجباً وفي الآخر كان محرّماً ، تعارض فيه الاستصحابان ، بمعنى أنّ استصحاب الوجوب المقرون باستصحاب عدم الحرمة يكون معارضاً لاستصحاب الحرمة المقرون باستصحاب عدم الوجوب ، أمّا لو كان أحدهما الذي هو التحريم التعليقي مثلاً طارئاً على الآخر الذي هو الوجوب أو الاباحة كما فيما نحن فيه ، فلا يعقل المعارضة بينهما ، لأنّ محصّل استصحاب الحرمة التعليقية هو وجود الحرمة عند الغليان ، وهي ـ أعني الحرمة ـ تكون رافعة شرعاً للاباحة ، ومع تحقّق رافع الحلّية بحكم الشارع لا مجال لاستصحاب بقائها.
__________________
(١) في الصفحة : ٦٥.