الموجودة التي هي ضدّ تلك الحرمة.
وحينئذ يكون استصحاب الحرمة التعليقية قاضياً برفع الحلّية وحاكماً على استصحاب تلك الحلّية ، ولا يمكن العكس ، فإنّ استصحاب الحلّية وإن قضى بعدم الحرمة على ما شرحناه ، إلاّ أنّه إنّما يقضي بعدم الحرمة الذي هو توأم مع جعل الحلّية ، ولا يقضي بعدم طروّ الحرمة ، لطار من الطوارئ ، فاستصحاب الاباحة لا يقضي بعدم طروّ الحرمة واستصحاب ما يقتضي طروّ الحرمة يكون بواسطة قضائه بطروّ الحرمة قاضياً بارتفاع الاباحة.
ولعلّ هذا هو المراد ممّا أفاده الشيخ قدسسره بقوله : لحكومة استصحاب الحرمة على تقدير الغليان على استصحاب الاباحة قبل الغليان الخ (١) فأوجز العبارة ولم يشرح هذه الحكومة ، نظراً إلى وضوحها ، وحاصله الفرق بين استصحابي الحكمين الابتدائيين ، أو الحكمين اللذين يكون كلّ منهما طارئاً على الآخر كما في توارد الحالتين ، وبين ما إذا كان أحدهما طارئاً على الآخر دون العكس كما نحن فيه ، فإنّ استصحاب ما يقتضي طروّ الحكم الطارئ يكون حاكماً على استصحاب بقاء ذلك الحكم المطروّ عليه ، فلاحظ وتأمّل.
ومن ذلك كلّه يظهر لك أنّه ليس المنشأ في هذه الحكومة هو السببية والمسبّبية ، ولا كون الاستصحاب التعليقي قاضياً بتوسعة دليل حرمة العصير العنبي على تقدير الغليان إلى العصير الزبيبي ، ولا كون الحلّية محدودة شرعاً بالغليان ، بل ليس المنشأ فيها إلاّما عرفت من كون التحريم الطارئ على ما هو مباح رفعاً شرعياً للحلّية الموجودة ، كما هو الشأن في سائر الأضداد الاختيارية.
ولعلّ هذه الطريقة من كيفية الحكومة هي المشار إليها فيما حرّرته عنه قدسسره
__________________
(١) فرائد الأُصول ٣ : ٢٢٣.