الأثر الثاني وجداناً ، أو لكون الأصل محرزاً تعبّداً لموضوعه الذي هو الأثر الأوّل ، ولا يكون شيء منهما من باب أثر الأثر ، بل إنّ أصل الفرض وهو كون الأثر الثاني أثراً للأثر الأوّل يعطي أنّ جعل أثر الأثر أثراً خروج عن الفرض ، فإنّ معنى الأثر هنا هو الحكم الشرعي ، ومن الواضح أنّ الحكم الثاني مترتّب على الحكم الأوّل ، والحكم الأوّل مترتّب على موضوعه ، فليس الحكم الثاني لاحقاً لموضوع الحكم الأوّل ، فتأمّل.
والحاصل : أنّ قياس المساواة إنّما ينتج النتيجة المطلوبة بعد تألّف قياسين ، ففي مثل العلل والمعلولات يقال : إنّ المعلول الثاني وهو ج معلول لباء ، وهو ـ أعني باء ـ معلول لألف ، فيكون النتيجة أنّ ج معلول لمعلول الف ، فتضمّ هذه النتيجة إلى كبرى مسلّمة وهي أنّ المعلول لمعلول الشيء معلول لذلك الشيء ، وحينئذ تتحقّق النتيجة المطلوبة وهي أنّ ج معلول لألف ، فالمدار حينئذ على تلك الكبرى ، فلو لم تكن تلك الكبرى مسلّمة لا يكون قياس المساواة تامّاً ، مثل الاثنين نصف الأربعة والأربعة نصف الثمانية ، فإنّه ليس لنا أن نقول إنّ نصف نصف الشيء نصف لذلك الشيء.
وما نحن فيه من أثر الأثر الشرعي من هذا القبيل ، فإنّ الحكم الثاني وإن كان حكماً للحكم الأوّل فيكون حكماً لحكم الموضوع ، ومن الواضح أنّه ليس لنا أن نقول إنّ حكم حكم الشيء حكم لذلك الشيء ، مثلاً وجوب الصيام حكم للمكلّف ، وحكم هذا الوجوب أنّه يحكم ببقائه عند الشكّ في رافعه مثلاً ، أو أنّه تجب مقدّمته أو أنّه يقتضي النهي عن ضدّه ، ومن الواضح أنّ هذه الأحكام لا تكون أحكاماً للمكلّف ، فتأمّل.
ثمّ إنّ حاصل ما أُفيد في مسألة الملزومات الشرعية ولوازمها الشرعية