استصحاب أحدهما لا يوجب الحكم التعبّدي بالآخر ، بل لابدّ من إحراز ذلك الآخر من دليل آخر غير الاستصحاب الجاري في مقابله ، فتأمّل.
قوله : نعم ، إذا ورد في مورد بالخصوص التعبّد بأصل مع أنّه ليس لمؤدّاه أثر شرعي إلاّبواسطة عقلية أو عادية ، فلابدّ من ثبوت الأثر الشرعي وإلاّ يلزم لغوية التعبّد بالأصل ... الخ (١).
كما إذا فرضنا أنّه ليس لنفس حياة زيد أثر شرعي أصلاً ، وإنّما كان الأثر الشرعي مترتّباً على نبات لحيته ، ومع ذلك دلّ الدليل الخاصّ وقال : لا تنقض اليقين بحياة زيد عند شكّك في بقائها ، كان من اللازم علينا أن نحكم بترتّب ذلك الأثر اللاحق لنبات اللحية ، إخراجاً لذلك الدليل المتكفّل للتعبّد ببقاء حياة زيد عن اللغوية ، لا بمعنى أن نقول : إنّ أثر نبات اللحية مشمول لقوله : لا تنقض اليقين بحياة زيد ، فإنّ ذلك لا يدخل فيه أصلاً ، بل بمعنى أنّ المصحّح للتعبّد بالمنع عن نقض اليقين بحياته هو أنّ الشارع جعل وجوب التصدّق جعلاً تعبّدياً باقتضاء النهي عن نقض اليقين بحياته ، ويكون ذلك الجعل التعبّدي مصحّحاً لذلك النهي عن النقض ومخرجاً له عن اللغوية.
ثمّ إنّ لهذا المطلب تتمّة ، وهي أنّه بعد أن صحّ ورود « لا تنقض » في خصوص هذا المثال ، ولو بالنظر إلى تلك العناية وهي الحكم التعبّدي بوجوب التصدّق ، بحيث كان لازم ورود « لا تنقض » في حقّ زيد المذكور هو الحكم التعبّدي بوجوب التصدّق ، نقول : إنّ أصالة العموم في قوله عليهالسلام : « لا تنقض اليقين » الخ (٢) حاكمة بشمولها لزيد المذكور ، وحينئذ نحكم بتحقّق ذلك الحكم
__________________
(١) فوائد الأُصول ٤ : ٤٩٠.
(٢) وسائل الشيعة ١ : ٢٤٥ / أبواب نواقض الوضوء ب ١ ح ١.