احتجاجي على أهل التوراة بتوراتهم ، وعلى أهل الانجيل بانجيلهم ، وعلى أهل الزبور بزبورهم ، وعلى الصابئين بعبرانيتهم ، وعلى أهل الهرابذة بفارسيتهم ، وعلى أهل الروم بروميتهم ، وعلى أصحاب المقالات بلغاتهم ، فإذا قطعت كل صنف ودحضت حجته ، وترك مقالته ورجع إلى قولي ، علم المأمون أن الموضع الذي هو بسبيله ليس بمستحق له ، فعند ذلك تكون الندامة منه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
فلما أصبحنا أتانا الفضل بن سهل فقال له : جعلت فداك ابن عمك ينتظرك وقد اجتمع القوم فما رأيك في إتيانه؟ فقال له الرضا عليهالسلام : تقدمني وإني صائر إلى ناحيتكم إنشاء الله.
ثم توضأ عليهالسلام وصوءه للصلاة ، وشرب شربة سويق وسقانا منه ، ثم خرج وخرجنا معه حتى دخلنا على المأمون ، فإذا المجلس غاص بأهله ومحمد بن جعفر في جماعة الطالبيين والهاشميين ، والقواد حضور.
فلما دخل الرضا عليهالسلام قام المأمون وقام محمد بن جعفر وجميع بني هاشم فما زالوا وقوفا والرضا عليهالسلام جالس مع المأمون حتى أمرهم بالجلوس فجلسوا فلم يزل المأمون مقبلا عليه يحدثه ساعة ثم التفت إلى الجاثليق فقال : يا جاثليق هذا ابن عمي علي بن موسى بن جعفر ، وهو من ولد فاطمة بنت نبينا وابن علي ابن أبي طالب عليهالسلام فاحب أن تكلمه وتحاجه وتنصفه ، فقال الجاثليق : يا أمير المؤمنين كيف احاج رجلا يحتج علي بكتاب أنا منكره ، ونبي لا اومن به فقال الرضا عليهالسلام : يا نصراني فان احتججت عليك بانجيلك أتقر به؟ قال الجاثليق : وهل أقدر على دفع ما نطق به الانجيل ، نعم والله اقر به على رغم أنفي.
ثم قرأ الرضا عليهالسلام عليه الانجيل ، وأثبت عليه أن نبينا صلىاللهعليهوآله مذكور فيه ثم أخبره بعدد حواري عيس عليهالسلام وأحوالهم ، واحتج بحجج كثيرة أقر بها ثم قرأ عليه كتاب شعيا وغيره إلى أن قال الجاثليق : ليسألك غيري فلا وحق المسيح ما ظننت أن في علماء المسلمين مثلك.