مغفورا له.
ثم نهض الرضا عليهالسلام بعد فراغ دعبل من إنشاد القصيدة وأمره أن لا يبرح من موضعه ، ودخل الدار ، فلما كان بعد ساعة خرج الخادم إليه بمائة دينار رضوية فقال له : يقول لك مولاي اجعلها في نفقتك ، فقال دعبل : والله ما لهذا جئت ، ولا قلت هذه القصيدة طمعا في شئ يصل إلي ، ورد الصرة ، وسأل ثوبا من ثياب الرضا عليهالسلام ليتبرك به ، ويتشرف به ، فأنفذ إليه الرضا عليهالسلام جبة خز مع الصرة ، وقال للخادم : قل له خذ هذه الصرة فانك ستحتاج إليها ولا تراجعني فيها.
فأخذ دعبل الصرة والجبة ، وانصرف وصار من مرو في قافلة ، فلما بلغ ميان قوهان وقع عليهم اللصوص فأخذوا القافلة بأسرها وكتفوا أهلها وكان دعبل فيمن كتف ، وملك اللصوص القافلة ، وجعلوا يقسمونها بيهنم ، فقال رجل من القوم متمثلا بقول دعبل في قصيدته :
أرى فيئهم في غيرهم متقسما |
|
وأيديهم من فيئهم صفرات |
فسمعه دعبل فقال لهم دعبل : لمن هذا البيت؟ فقال لرجل من خزاعة ، يقال له دعبل بن علي ، قال دعبل : فأنا دعبل قائل هذه القصيدة التي منها هذا البيت فوثب الرجل إلى رئيسهم وكان يصلي على رأس تل ، وكان من الشيعة ، وأخبره فجاء بنفسه حتى وقف على دعبل وقال له ، أنت دعبل؟ فقال : نعم ، فقال له : أنشد القصيدة فأنشدها فحل كتافه ، وكتاف جميع أهل القافلة ، ورد إليهم جميع ما أخذوا منهم لكرامة دعبل ، وسار دعبل حتى وصل إلى قم ، فسأله أهل قم أن ينشدهم القصيدة فأمرهم أن يجتمعوا في المسجد الجامع.
فلما اجتمعوا صعد المنبر فأنشدهم القصيدة فوصله الناس من المال والخلع بشئ كثير ، واتصل بهم خبر الجبة فسألوه أن يبيعها منهم بألف دينار ، فامتنع من ذلك ، فقالوا له : فبعنا شيئا منها بألف دينار ، فأبى عليهم ، وسار عن قم.
فلما خرج من رستاق البلد لحق به قوم من
أحداث العرب ، وأخذوا الجبة