قال : فرموا ما في أيديهم من التراب ، ثم امتلا القبر وانطق وتربع على وجه الارض فانصرف المأمون وانصرف ودعاني المأمون وخلابي ثم قال : أسألك بالله يا هرثمة لما أصدقتني عن أبي الحسن عليهالسلام قدس الله روحه بما سمعته منك ، فقلت قد أخبرت أميرالمؤمنين بما قال لي ، فقال : بالله إلا ما قد صدقتني عما أخبرك به غيرالذي قلت لي.
قلت : يا أميرالمؤمنين! فعما تسألني؟ فقال : يا هرثمة ، هل أسر إليك شيئا غير هذا؟ قلت : نعم ، قال : ما هو؟ قلت : خبر الغنب والرمان ، قال : فأقبل المأمون يتلون ألوانا يصفر مرة ويحمر اخرى ويسود اخرى ثم تمدد مغشيا عليه ، فسمعته في غشيته وهو يهجر ، ويقول : ويل للمأمون من الله ، ويل له من رسوله ، ويل له من علي ، ويل للمأمون من فاطمة ، ويل للمأمون من الحسن والحسين ، ويل للمأمون من علي بن الحسن ، ويل له من محمد بن علي ، ويل للمأمون من جعفر بن محمد ، ويل له من موسى بن جعفر ، ويل له من علي ين موسى الرضا هذا والله هو الخسران المبين ، يقول هذا القول ويكرره.
فلما رأيته قد أطال ذلك وليت عنه ، وجلست في بعض نواحي الدار ، قال : فجلس ودعاني فدخلت إليه وهو جالس كالسكران فقال : والله ما أنت أعز علي منه ولا جميع من في الارض والسماء ، لئن بلغني أنك أعدت بعد ما سمعت ورأيت شيئا ليكونن هلاكك فيه.
قال : فقلت يا أميرالمؤمنين إن ظهرت على شئ من ذلك مني فأنت في حل من دمي قال : لا والله أو تعطيني عهدا وميثاقا على كتمان هذا وترك إعادته ، فأخذ علي العهد والميثاق وأكده علي قال : فلما وليت عنه صفق بيده وقال : يستخفون من الناس ولايستخفون من الله ، وهو معهم إذ يبيتون ما لايرضى من القول ، وكان الله بما تعملون محيطا (١). وكان للرضا عليهالسلام من الولد محمد الامام وكان يقال له : الرضا ، والصادق
____________________
(١) النساء : ١٠٨.