نصر بن أبي علي الصغاني (١) صاحب الجيش وكان محسنا إلي صحبته إلى صغانيان وكان أصحابه يحسد ونني على ميله إلي وإكرامه لي.
فسلم إلي في بعض الاوقات كيسا فيه ثلاثة آلاف درهم وختمه وأمرني أن أسلمه في خزانته فخرجت من عنده فجلست في المكان الذي يجلس فيه الحجاب ووضعت الكيس عندي ، وجعلت احدث الناس في شغل في فسرق ذلك الكيس ولم أشعربه ، وكان للامير أبي النصر غلام يقال له خطلخ تاش ، وكان حاضرا فلما نظرت لم أرالكيس فأنكر جميعهم أن يعرفوا له خبرا ، وقالوا لي : ما وضعت ههنا شيئا فلما وضعت هذا الافتعال؟ (٢) وكنت عارفا بحسدهم لي.
فكرهت (٣) تعريف الامير أبي النصرالصغاني لذلك خشية أن يتهمني ، و بقيت متحيرا متفكرا لا أدري من أخذ الكيس ، وكان أبي إذا وقع له أمر يحزنه فزع إلى مشهد الرضا عليهالسلام فزاره ودعا الله عزوجل عنده وكان يكفي ذلك عنده ويفرج عنه.
فدخلت إلى الامير أبي النصر من الغد ، فقلت : أيها الامير تأذن لي في الخروج إلى طوس فلي بها شغل؟ فقال لي : وما هو؟ قلت : لي غلام طوسي فهرب مني وقد فقدت الكيس وأنا أتهمه به ، فقال لي : انظر. أن لاتفسد حالك عندنا بخيانة فقلت : أعوذ بالله من ذلك ، فقال : ومن يضمن لي الكيس إن تأخرت؟ فقلت له : إن لم أعد بعد أربعين يوما فمنزلي وملكي بين يديك اكتب إلى أبي الحسن الخزاعي بالقبض على جميع أسبابي بطوس ، فأذن لي.
وكنت أكتري من منزل إلى منزل حتى وافيت المشهد على ساكنه السلام فزرت ودعوت الله عزوجل عند رأس القبر أن يطلعني على موضع الكيس ، فذهب
____________________
(١) قال الفيروز آبادى : صغانيان : كورة عظيمة بماوراء النهر ، والنسبة صغانى وصاغانى معرب جغانيان.
(٢) وما هذا الا افتعال خ ل ، فما وضعت هذا الا افتعالا ، خ ل.
(٣) في المصدر ونسخة الكمبانى : فكرهت على تعريف الامير.