الاشنع خان الصعاليك ، فقال : ههنا أنت يا ابن سعيد؟ ثم أومأ بيده فقال : انظر فنظرت فاذا بروضات آنقات ، وروضات ناضرات ، فيهن خيرات عطرات ، وولدان كأنهن اللؤلؤ المكنون ، وأطيار ، وظباء ، وأنهار تفور ، فحار بصري والتمع وحسرت عيني ، فقال : حيث كنا فهذا لنا عتيد ، ولسنا في خان الصعاليك (١).
عم : (٢) الكليني ، عن الحسين ، مثله (٣).
ير : الحسين بن محمد ، عن علي بن النعمان بن محمد ، عن أحمد بن محمد ابن عبدالله ، عن محمد بن يحيى ، عن صالح بن سعيد مثله (٤).
بيان : « الصعلوك » الفقير أو اللص قوله « ههنا أنت » أي أنت في هذا المقام من معرفتنا « خيرات » مخفف خيرات لان خير الذي بمعنى أخير لا يجمع « كأنهن اللؤلؤ المكنون » أي المصون عما يضر به في الصفاء والنقاء « عتيد » : أي حاضر مهيأ.
اقول : لما قصر علم السائل وفهمه عن إدراك اللذات الروحانية ودرجاتهم المعنوية ، وتوهم أن هذه الامور مما يحط من منزلتهم ، ولم يعلم أن تلك الاحوال مما يضاعف منازلهم ودرجاتهم الحقيقية ، ولذاتهم الروحانية ، وأنهم اجتووا لذات الدنيا ونعيمها (٥) وكان نظره مقصورا على اللذات الدنية الفانية فلذا أراه عليهالسلام ذلك لانه كان مبلغه من العلم وأما كيفية رؤيته لها فهي محجوبة عنا والخوض فيها لا يهمنا لكن خطر لنا بقدر فهمنا وجوه :
الاول أنه تعالى أو جد في هذا الوقت لاظهار إعجازه عليهالسلام هذه الاشياء
____________________
(١) بصائر الدرجات ص ٤٠٦.
(٢) اعلام الورى ص ٣٤٨.
(٣) الكافى ج ١ ص ٤٩٨.
(٤) بصائر الدرجات ص ٤٠٧.
(٥) يقال : اجتوى البلد اجتواء : كره المقام به وان كان في نعمة.