في الهواء ليراه أن فيعلم أن عروض تلك الاحوال لهم لتسلبمهم ورضاهم بقضاء الله تعالى وإلا فهم قادرون على إحداث هذه الغرائب ، وأن إمامتهم الواقعية وقدرتهم العلية ، ونفاذ حكمهم في العالم الادنى والاعلى وخلافتهم الكبرى ، لم تنقص بما يرى فيهم من الذلة والمغلوبية والمقهورية.
الثاني أن تلك الاشكال أو جدها الله سبحانه في حسه المشترك إيذانا بأن اللذات الدنيوية عندهم بمثل تلك الخيالات الوهميه كما يرى النائم في طيفه ما يلتذ به كالتذاذه في اليقظة ، ولذا قال النبي صلىاللهعليهوآله : الناس نيام فاذا ماتوا انتبهوا.
الثالث أنه عليهالسلام أراه صور اللذات الروحانية التي معهم دائما بما يوافق فهمه ، فانه كان في منام طويل وغفلة عظيمة عن درجات العارفين ولذاتهم ، كما يرى النائم العلم بصورة الماء الصافي أو اللبن اليقق والمال بصورة الحية وأمثالها وهذا قريب من السابق وهذا على مذاق الحكماء والمتألهين الرابع ما حققته في بعض المواضع وملخصه أن النشآت مختلفة والحواس في إدراكها متفاوتة ، كما أن النبي صلىاللهعليهوآله كان يرى جبرئيل عليهالسلام وسائر الملائكة والصحابة لم يكونوا يرونهم ، وأميرالمؤمنين كان يرى الارواح في وادي السلام وحبة (١) وغيره لا يرونهم فيمكن أن يكون جميع هذه الامور في جميع الاوقات
____________________
(١) حبة بن جوين العرنى ـ منسوب إلى عرينة بن عرين بن بدر بن قسر من خواص أصحاب أمير المؤمنين عليهالسلام وحديثه في وادى السلام مروى في الكافى ج ٤ ص ٢٤٣ وهذا نصه : قال : خرجت مع أميرالمؤمنين عليهالسلام إلى الظهر ـ يعنى ظهر الكوفة ـ فوقف بوادى السلام كانه مخاطب لاقوام ، فقمت بقيامه حتى أعييت ثم جلست حتى مللت ، ثم قمت حتى نالنى مثل ما نالنى أولا ، ثم جلست حتى مللت.
ثم قمت وجمعت ردائى فقلت : يا أميرالمؤمنين! انى قد أشفقت عليك من طول القيام فراحة ساعة ، ثم طرحت الرداء ليجلس عليه ، فقال لى يا حبة! ان هو الا محادثة مؤمن أو مؤانسته.