قال : فالتفت إلى محمد بن علي عليهالسلام فقال : ماتقول في هذا يا أبا جعفر؟ فقال : قد تكلم القول فيه يا أميرالمؤمنين ، قال : دعني مما تكلموا به! أي شي ء عندك؟ قال اعفني عن هذا يا أميرالمؤمنين قال : أقسمت عليك بالله لما أخبرت بما عندك فيه.
فقال : أما إذ أقسمت علي بالله إني أقول إنهم أخطأوا فيه السنة ، فان القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الاصابع ، فيترك الكف ، قال : وما الحجة في ذلك؟ قال : قول رسول الله : السجود على سبعة أعضاء : الوجه واليدين والركبتين والرجلين ، فاذا قطعت يده من الكرسوع أو المرفق لم يبق له يديسجد عليها وقال الله تبارك وتعالى : « وأن المساجد لله » (١) يعني به هذه الاعضاء السبعة التي يسجد عليها « فلا تدعوا مع الله أحدا » وماكان لله لم يقطع.
قال : فأعجب المعتصم ذلك وأمر بقطع يد السارق من مفصل الاصابع دون الكف.
قال ابن أبي دواد : قامت قيامتي وتمنيت أني لم أك حيا قال زرقان : قال ابن أبى دواد صرت إلى المعتصم بعد ثالثة فقلت : إن نصيحة أمير المؤمنين علي واجبة وأنا اكلمه بما أعلم أني أدخل به النار ، قال : وما هو؟ قلت : إذا جمع أمير المؤمنين في مجلسه فقهاء رعيته وعلماء هم لا مرواقع من امور الدين ، فسألهم عن الحكم فيه فأخبروه بما عندهم من الحكم في ذلك ، وقد حضر مجلسه أهل بيته وقواده ووزراؤه وكتابه ، وقد تسامع الناس بذلك من وراء بابه ، ثم يترك أقاويلهم كلهم لقول رجل يقول شطرهذه الامة بامامته ، ويدعون أنه أولى منه بمقامه ثم يحكم بحكمه دون حكم الفقهاء؟!
قال : فتغير لونه وانتبه لما نبهته له ، وقال : جزاك الله عن نصيحتك خيرا قال فأمر اليوم الرابع فلانا من كتاب وزرائه بأن يدعوه إلى منزله فدعاه فأبى أن يجيبه وقال : قد علمت أني لا أحضر مجالسكم ، فقال : إني إنما أدعوك إلى الطعام
____________________
(١) الجن : ١٨.