عليهالسلام ولقد سألته أن يقوم بالا مر وأنزعه من نفسي فأبى ، وكان أمر الله قدرا مقدورا.
وأما أبوجعفر محمد بن علي فقد اخترته لتبريزه على كافة أهل الفضل في العلم والفضل ، مع صغرسنه ، والا عجوبة فيه بذلك ، وأنا أرجو أن يظهر للناس ما قد عرفته منه ، فيعلمون أن الرأي ما رأيت فيه.
فقالوا له : إن هذا الفتى وإن راقك منه هديه فانه صبي لامعرفة له ولافقه فأمهله ليتأدب ثم اصنع ماتراه بعد ذلك. فقال لهم : ويحكم إني أعرف بهذا الفتى منكم وإن أهل هذا البيت علمهم من الله تعالى ومواده وإلهامه ، لم تزل آباؤه أغنياء في علم الدين والادب عن الرعايا الناقصة عن حد الكمال ، فان شئتم فامتحنوا أبا جعفر بما يتبين لكم به ما وصفت لكم من حاله.
قالوا : قد رضينا لك يا أمير المؤمنين ولا نفسنا بامتحانه ، فخل بيننا وبينه لننصب من يسأله بحضرنك عن شئ من فقه الشريعة ، فان أصاب في الجواب عنه لم يكن لنا اعتراض في أمره وظهر للخاصة والعامة سديد رأي أميرالمؤمنين فيه ، وإن عجزعن ذلك فقد كفينا الخطب في معناه فقال لهم المأمون : شأنكم وذلك متى أردتم.
فخرجوا من عنده واجتمع رأيهم على مسألة يحيى بن أكثم ، وهو يومئذ قاضي الزمان على أن يسأله مسألة لا يعرف الجواب فيها ، ووعدوه بأموال نفيسة على ذلك ، وعادوا إلى المأمون وسألوه أن يختار لهم يوما للاجتماع فأجابهم إلى ذلك فاجتمعوا في اليوم الذي اتفقوا عليه وحضر معهم يحيى بن أكثم وأمر المأمون أن يفرش لا بيجعفر دست (١) ويجعل له فيه مسورتان ففعل ذلك وخرج أبوجعفر وهو يومئذ ابن تسع سنين وأشهر فجلس بين المسورتين وجلس يحيى بن أكثم بين يديه وقام الناس في مراتبهم والمأمون جالس في دست متصل بدست أبي جعفر عليه الصلاة والسلام.
____________________
(١) الدست هناصدر البيت وهو معرب ، يقال له بالفارسية اليوم « شاه نشين »