إذا غيبها السحاب عن الابصار.
الرابع : أن الشمس قد تكون غيبتها في السحاب أصلح للعباد ، من ظهورها لهم بغير حجاب ، فكذلك غيبته عليهالسلام أصلح لهم في تلك الازمان ، فلذا غاب عنهم.
الخامس : أن الناظر إلى الشمس لا يمكنه النظر إليها بارزة عن السحاب ، وربما عمي بالنظر إليها لضعف الباصرة ، عن الاحاطة بها ، فكذلك شمس ذاته المقدسة وبما يكون ظهوره أضر لبصائرهم ، ويكون سببا لعماهم عن الحق ، وتحتمل بصائرهم الايمان به في غيبته ، كما ينظر الانسان إلى الشمس من تحت السحاب ولا يتضرر بذلك.
السادس : أن الشمس قد يخرج من السحاب وينظر اليه واحد دون واحد فكذلك يمكن أن يظهر عليهالسلام في أيام غيبته لبعض الخلق دون بعض.
السابع : أنهم عليهمالسلام كالشمس في عموم النفع وإنما لا ينتفع بهم من كان أعمى كما فسربه في الاخبار قوله تعالى : « من كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا » (١).
الثامن : أن الشمس كما أن شعاعها تدخل البيوت ، بقدر ما فيها من الروازن والشبابيك ، وبقدر ما يرتفع عنها من الموانع ، فكذلك إنما ينتفعون بأنوار هدايتهم بقدر ما يرفعون الموانع عن حواسهم ومشاعرهم التي هي روازن قلوبهم من الشهوات النفسانية ، والعلائق الجسمانية ، وبقدر ما يدفعون عن قلوبهم من الغواشي الكثيفة الهيولانية إلى أن ينتهي الامر إلى حيث يكون بمنزلة من هو تحت السماء يحيط به شعاع الشمس من جميع جوابنه يغير حجاب.
فقد فتحت لك من هذه الجنة الروحانية ثمانية أبواب ، ولقد فتح الله علي.
بفضله ثمانية اخرى تضيق العبارة عن ذكرها ، عسى الله أن يفتح علينا وعليك في معرفتهم ألف باب يفتح من كل باب ألف باب.
٩ ـ ك : أبي وابن الوليد معا ، عن سعد والحميري معا ، عن ابن عيسى
____________________
(١) أسرى : ٧٢.