وليس هذا كما قال بعض أصحابنا : إنه لايمتنع أن يكون في ظهوره مفسدة وفي استتاره مصلحة ، لان الذي قاله يفسد طريق وجوب الرسالة في كل حال ويطرق القول بأنها تجري مجرى الالطاف التي تتغير بالازمان والاوقات ، و القهر والحيلولة ليس كذلك ، ولايمتنع أن يقال في ذلك مفسدة ولا يؤدي إلى فساد وجوب الرئاسة.
فان قيل : أليس آباؤه عليهمالسلام كانوا ظاهرين ، ولم يخافوا ولا صاروا بحيث لايصل إليهم أحد؟ قلنا : آباؤه عليهمالسلام حالهم بخلاف حاله لانه كان المعلوم من حال آبائه لسلاطين الوقت وغيرهم أنهم لايرون الخروج عليهم ولا يعتقدون أنهم يقومون بالسيف ، ويزيلون الدول ، بل كان المعلوم من حالهم أنهم ينتظرون مهديا لهم وليس يضر السلطان اعتقاد من يعتقد إمامتهم إذا أمنوهم على مملكتهم.
وليس كذلك صاحب الزمان ، لان المعلوم منه أنه يقوم بالسيف ، ويزيل الممالك ، ويقهر كل سلطان ، ويبسط العدل ، ويميت الجور ، فمن هذه صفته يخاف جانبه ويتقى ثورته فيتتبع ويرصد ، ويوضع العيون عليه ، ويعنى به خوفا من وثبته ، ورهبته من تمكنه ، فيخاف حينئذ ، ويحوج (١) إلى التحرز والاستظهار بأن يخفي شخصه عن كل من لايأمنه من ولي وعدو إلى وقت خروجه.
وأيضا فآباؤه عليهمالسلام إنما ظهروا لانه كان المعلوم أنه لو حدث بهم حادث لكان هناك من يقوم مقامه ويسد مسده من أولادهم وليس كذلك صاحب الزمان لان المعلوم أنه ليس بعده من يقوم مقامه قبل حضور وقت قيامه بالسيف ، فلذلك وجب استتاره وغيبته ، وفارق حاله حال آبائه ، وهذا واضح بحمدالله.
فان قيل : بأي شئ يعلم زوال الخوف وقت ظهوره أبا لوحي من الله؟ فالامام لايوحى إليه ، أو بعلم ضروري؟ فذلك بنافي التكليف ، أو بأمارة توجب غلبة الظن؟ ففي ذلك تقرير بالنفس.
____________________
(١) في الاصل المطبوع : يخرج. وهو تصحيف راجع الشيخ ص ٢١٥.