وقسم ثان قائل بأنها جسم هوائي في هيئة البدن حال فيه إذا ما خرجت منه صدق عليه الموت ، وقسم ثالث قائل بأنها بخار لطيف دخاني.
وقسم رابع قائل بأنها شيء عرض في البدن وإلى غير ذلك الأوقال.
فمهما يكن من اختلاف أو تعدد الأقوال في حقيقة الروح فإن قوله تعالى : ( قل الروح من أمر ربي ) جواب لما تقدم من سؤال اليهود للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أو سؤال بعض قريش له صلىاللهعليهوآلهوسلم وهذا الجواب في نفسه خطاب لهم بترك التقصي والإحجام عن التوغل في فهم حقيقة الروح ، لأنها أمر غيبي ومن السر المكنون المخزون عند الله سبحانه ، استأثره بعلمه فلم يطلع على هذا العلم أحد.
بعدما فهمنا موقف القرآن الكريم ، أو قل النظرة الكلية من قبل الشريعة الإسلامية لأمر الروح ، والتي قيدت المسلمين ومنعتهم من الخوض في هذا الموضوع ، وإن تركه أسلم للعاقبة وأشمل للتقوى ، إذن ما بال هؤلاء الذين أوغلوا البحث في متاهات هذه المسألة؟! أوليس ذلك قد يؤدي إلى الوقوع في المحذور؟! وإذا كان الأمر كذلك ، قلنا انصاف المرء لنفسه : تركه ما لا يعينه ..
فلنقف عند هذا الحد في أمر الروح ، حتى نبين وجه الارتباط بينها وبين الحلول والتناسخ الذي قالت به أمم سبقت المسلمين بمئات السنين.
من أوائل الأمم التي قالت بالتناسخ والحلول هي المجزس التي قالت تالتثنية ومحصل قولها : إنها أثبتت مدبرين قديمين يقتسمان الخير والشر ، والنفع والضر ، والإصلاح والفساد.
وهذان الأصلان هما ( يزدان وأهرمن ) وتعني ( النور والظلمة ). وكل شيء عندهم يدور وفق قاعدتين ، الأولى كيفية امتزاج النور بالظلمة هذا هو المبدأ والقاعدة الثانية سبب خلاص النور من الظلمة وهذا هو المعاد.
على أن المجوس فرق متعددة ، فعليه بعضهم زعم أن الأصلين النور والظلمة لم يكونا قديمين منذ الأزال ، بل أحدهما قديم أزلي وهو ( النور ) والأصل الثاني ( الظلمة ) محدثة أي ليست أزلية ، ولهذا اختلفوا في الأصل