هذه جملة من عقائد النصارى في حلول الروح من الرب في المسيح بواسطة الأقنوم الثالث وهو العلم والمصطلح عليه بروح القدس.
ولا يخفى أن شبهة الحلول واضحة على أنها اتخذت صوراً مختلفة في تصويرها وحقيقتها.
هذه الفكرة في التناسخ والحلول لما كانت عند الأمم ، وقد اطلع عليها المسلمون من خلال الكتب المترجمة من اليونانية والفارسية والهندية والصينية إلى اللغة العربية. وقد نشطت حركة الترجمة منذ النصف الثاني من القرن الأول للهجرة وقد شجع عليها الحكام كما أولع بها بعضهم كخالد بن يزيد بن معاوية. ولما اطلع المسلمون على تلك المذاهب أخذوا يتدارسونها ويبحثون فيها حتى أوجدوا في الإسلام تلك العقائد الفاسدة والخرافات الواضحة التي يأباها العقل ومن دان تدين التوحيد.
ظهرت فكرة التناسخ والحلول عند المسلمين بعدما تأثروا بالثقافات والأديان السابقة ، وأن المذاهب المشبهة هي التي انتحلتها ، حيث قالت يجوز للباري أن يظهر بصورة شخص ، كما كان جبريل ينزل بصورة أعرابي وقد تمثل لمريم بصورة إنسان سوي وللنبي محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بصورة دحية الكلبي.
والمشبهة من الفرق الغالية كما أنها تنتسب إلى السلف من أهل السنة والحديث ، وقد بالغت بالصافت المنعوتة للخالق ، وعلى نقيضهم المعتزلة التي نفت الصفات عنه سبحانه لذا يسمون بالمعطلة.
أما الغلاة ممن انتحل التشيع ، فأول فرقها تلك التي ادعت الألوهية للإمام علي عليهالسلام وكانت على زمانه وقد أحرقهم الإمام أمير المؤمنين في خلافته وقد مر حديثهم فيما تقدم. ثم تطورت الفكرة بعدما كانت بدائية لتكون عقيدة ولها مريدون ثم تشكلت منهم فرقة تسمى بالكيسانية والتي قالت بإمامة محمد بن الحنفية ومن بعده ابنه علي ، وعلي أوصى إلى ابنه الحسن وهكذا فإن الإمامة لا تخرج عن بني الحنفية ، ومن فرق الكيسانية القائلة بالتناسخ هي الحربية ـ نسبة إلى عبد بن عمرو بن حرب الكندي ـ التي زعمت أن أبا هاشم بن محمد بن الحنفية قد أوصى إلى عبد الله بن عمرو أن روح أبي هاشم تحولت إليه ، وقد ادعت الحربية أن الأرواح تناسخ من شخص إلى شخص ، وأن الخير والشر كائن في هذه الأشخاص ، أشخاص الآدميين أو أشخاص الحيوانات.