ثم قالوا أن روح الله تناسخت حتى وصلت إلى عبد الله وحلت فيه ، فهو الإله وقد اجتمعت فيه النبوة أيضاً ، وتبعه على هذه السخرية من ضعاف العقول وعبدوه ، لانهم يعتقدون أن التناسخ يكون في الدنيا ، وأن الخير والشر في هذه الأشخاص ، فالثواب والعقوبة لا تعدوهم.
واقتفى أثر هذه الفرقة الضالة بيان بن سمعان التميمي حيث ادعى أن الإمامة صائرة من أبي هاشم إليه وهو القائل بألوهية أمير المؤمنين عليهالسلام حيث حلت فيه روح الرب مما ظهرت فيه القوة الملكوتية وأنه قلع باب خيبر بقوة ليست جسدية وإنما بقوة رحمانية ملكوتية مشرقة بنور ربها المضيئة فيه ، وادعى بيان أن الجزء الإلهي الذي كان في أمير المؤمنين قد حل فيه بنوع من التناسخ وهذا الجزء الذي هو فيه عينه في آدم والذي استحق به السجود من قبل الملائكة.
ومن الطريف أنه راسل الإمام جعفر الصادق في زمن والده الإمام محمد الباقر يدعوه إلى نفسه ومما كتب إليه : أسلم تسلم ويرتقي من سلم ، فإنك لا تدري حيث يجعل الله النبوة. فأمر الباقر عليهالسلام أن يأكل الورقة التي جاء بها فأكلها فمات من وقته ، والفرقة البيانية تنسب إليه ، وقد قتله خالد بن عبد الله القسري.
ومن الفرق الغالبة العباسية وهذه في الأصل كانت تنتمي إلى الرزامية نسبة إلى رزام بن رزم الذي ساق الإمامة من علي إلى ولده محمد بن الحنفية ثم إلى ولده أبي هاشم ثم انتقلت الإمامة بالوصاية إلى علي بن عبد الله بن عباس ثم إلى محمد بن علي ، وهذه أوصى بالإمامة إلى ولده إبراهيم وهو صاحب أبي مسلم الخراساني الذي دعى إلى إمامته وعلى يده انتهى ملك بني أمية لتقوم مكانها دورة بني العباس ، والعباسية ادعت أن الإمامة أيضاً حلت في أبي مسلم لأن روح الإله قد حلت فيه (١). وراح هذه المذهب في خراسان. ثم انتهى بمقتل أبي مسلم الخراساني على يد أبي جعفر المنصور الدوانيقي بحيلة دبرها له. قالت هذه الطائفة أن الأئمة آلهة
__________________
(١) وقد تسمى هذه الطائفة بالخرمدينية وقد تسمى بالمسلمية أصحاب أبي مسلم الخراساني وسبب هذه التسمية أنهم كانوا يقطعون في قربة تسمى خرم أباد من أعمال الري.