أقول سبق في كيفية أخذ العلم بواسطة الإلهام أو بأمر الملك. والنكت في القلب والأذن واحد ، حيث أن الأذن طريق محسوس وموصل إلى القلب ، والقلب وعاء للخطابات والمعرفة ، لهذا كانت الخطابات القرآنية تصور القلوب وهي وعاز الفهم ، والفقه ، والمعرفة ، والإيمان والكسب ، والطهارة ، والقساوة ، والزيغ ، والمرض ، والخشوع ، والنفاق ... الخ.
اتضح من كل ما تقدم أن الأئمة عليهمالسلام لم يعلموا الغيب ولم يقل أحد منهم بذلك أما علمهم بالمغيبات وأخبارهم بما يجري على شيعتهم وما سيقع من الحوادث ، فقد عرفت إنما كان من العلم الذي ورثوه من الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن الصحف التي كانت عندهم.
قال الزجاج كما يحكيه الشيخ الطوسي في معنى الآية : ( وعنده مفتاح الغيب لا يعلمه إلا هو ... ) قال : يريد عنده الوصله إلى علم الغيب وكل ما لا يعلم إذا استعلم يقال فيه افتح علي.
وقال ابن عمر مفتاح الغيب خمس ثم قرأ : ( إن الله عنده علم الساعة ... ) الآية قال الشيخ الطوسي : وتأويل الآية إن الله تعالى عالم بكل شيء من مبتدات الأمور وعواقبها فهو يعجل ما تعجيله أصوب وأصلح ويؤخر ما تأخيره أصوب وأصلح وإنه الذي يفتح باب لمن يريد من الأنبياء والأولياء ، لأنه لا يعلم الغيب سواه ولا يقدر أحد أن يفتح باب العلم به للعباد إلا الله (١).
أم ما ورد في أن مفاتيح الغيب خمس فهي كما يذكرها الطبرسي ( قدس ) في تفسيره لقوله تعالى : ( إن الله عنده علم الساعة ). قال : أي استأثره سبحانه ولم يطلع عليه أحد من خلقه فلا يعلم وقت قيام الساعة سواه أو ينزل الغيث ، فيما يشاء من زمان أو مكان والصحيح أن معناه ويعلم نزول الغيث في مكانه وزمانه كما جاء في الحديث أن مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله ، ويقرأ هذه الآية : ( ويعلم ما في الأرحام ) أي ويعلم ما في أرحام الحوامل ، أذكر أم أنثى ، أصحيح أم سقيم ، واحد أو أكثر؟ ( وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ) أي ماذا تعمل في المستقبل وقيل ما يعلم بقاءه غداً فكيف يعلم تصرفه ، ( وما تدري نفس بأي أرض تموت ) أي في
__________________
(١) مجمع البيان ٢ | ٣١١.