الآخر فيستحق الشكر أو بعضهم يملك حق الطاعة كالأب ، والسيد ومولاه ، والحاكم ، والزوج ... إلخ.
وهذه المصاديق كلما اختلفت في رتبة الإنعام ، اختلفت في مقدار الطاعة فكلما كان المنعم في رتبة أعالى من الإحسان ، وجبت له رتبة من الطاعة تساوي درجة الإنعام. إلا أن كل هذه الرتب والدرجات من الطاعة لا يمكن مقايستها مع درجة الطاعة المطلقة للمنعم المطلق وهو الله سبحانه.
فما يستحقه الإنسان من شكر وطاعة إنما هو محدود في دائرة ذلك الإحسان أما إطاعة الله تعالى لا بد أن تكون في كل آن تتجدد بإظهار الشكر الحقيقي الخالص للمولى وبما أن نعمه غير محدودة ومواهبه لا تعد ولا تحصى ، فلا بد إذا من اإذعان له كما يجب ويريد في أوامره ونواهيه والتزام أحكامه.
قال تعالى : ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) (١) ، وقال تعالى : ( إن الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه ) (٢) ، وقال تعالى : ( ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين ) (٣) ، وقال تعالى : ( له الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون ) (٤). بعدما عرفنا المصدر الأساسي للتشريع هو الله سبحانه ، علينا أن نسأل وهل لغير الله حق في التشريع؟
هذا ما اختلف عليه فقهاء المسلمين فمنهم من جوز ومنهم من منع ذلك.
إلا أن من بين الأحاديث والروايات نجد سبحانه وتعالى أعطى نبيه محمد صلىاللهعليهوآله سلم صلاحية التشريع والذي هو أساس بحثنا الذي صدرنا عنوانه بالتفويض فالذي أجاز التشريع بغير الله استدل بالآية الكريمة : ( وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا ).
__________________
(١) سورة المائدة ، الآية : ٤٤.
(٢) سورة يوسف ، الآية : ٤٠.
(٣) سورة الأنعام ، الآية : ٦٢.
(٤) سورة القصص ، الآية : ٧٠.