والعامة ثم كشفنا عن الاخبار والروايات المعارضة لها وأقوال علماء جمهور السنة وعلماء الإمامية في نفي السهو عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد شارك علماء الإمامية طائفة كبيرة من علماء السنة على مختلف مذاهبهم وأزمنتهم ، وهكذا علماء الصوفية وأهل الرياضات ، فأقروا بعصمة الأنبياء عليهمالسلام ونزهوهم عن كل عيب ونقص من شأنه ينفر الأمة عنهم ، أو يكون سبباً للازدراء ...
وإذا ثبت ذلك بإجماع الطائفة كما ثبت عند المخالفين إذن لا يبقى أدنى شك من كون المعتقد بنفي السهو عن النبي والأئمة عليهمالسلام خارج عن حد الغلو ، وأن قول الصدوق وشيخه ابن الوليد ساقط عن الاعتبار ، وقولهما مرفوض بإجماع الطائفة (١) وليس هذا بغريب فإن لجواد قد يكبو والسيف قد ينبو ...
أقول : لقد ذكر الشيخ الكليني في الكافي خمسة أحاديث في باب سهو النبي ونسيانه وقد تقدم ذكرها ، الأولى هي موثقة سماعة بن مهران ، والرواية الثانية عن الحسن بن صدقة وهي ضعيفة والثالثة موثقة سماعة والرابعة صحيحة سعيد الأعرج ، والخامسة كذلك صحيحة سعيد الأعرج.
وقد أوردها الشيخ لكونها تتضمن حكماً فقيهاً ، أما أنه يدين بسهو النبي أو الإمام فذاك ليس من مذهب الشيخ ، وقد تقدم في الجزء الأول من كتاب الأصول ؛ كتاب الحجة ، حيث ذكر عدة أبواب يؤكد فيها عصمة النبي والأئمة الأطهار ، وما أورده في الفروع من كتاب الصلاة إنما لحاجة بعض أبواب هذا الكتاب إلى الدليل المعتبر لغرض إبراز الحكم للمكلف.
ثم بينا أن بعض هذه الأحاديث كانت ضعيفة وبعضها الآخر لم يعمل بها الأصحاب ثم ماجاء فيها عن النبي في كونه سها أو نسي إنما يحمل هذا على التقية. ولا مانع من إيرادهما ، وكما عرفنا أن ديدن الشيخ الكليني في كتابه أنه يذكر حتى ـ بعض ـ الأحاديث الصادرة منهم عليهمالسلام على سبيل التقية ، وهذا لا يقدح في مبنى الشيخ ومسلكه في التأليف وعقيدته المذهبية.
__________________
(١) قد نجد بعض من شذ عنهم ، كالشيخ محمد تقي التستري صاحب قاموس الرجال ، وهذا لا يقدح بإجماع علماء الطائفة المحقة وما سطر في رسالته الملحقة بالجزء ١١ من كتابه ليس فيه جديد ، بل يدلل على سذاجة في العقيدة.