وأما المسلمون فإنما يصدق الغلو على من يقول في النبي والأئمة بألوهيتهم أو بكونهم شركاء لله سبحانه في المعبودية أو كونهم يرزقون ويخلقون ، أو أن الله تعالى حل فيهم أو اتحد بهم ، أو أنهم يعلمون الغيب من غير وحي أو إلهام ، أو الاعتقاد بكونهم من القدم مع نفي الحدوث عنهم ، أو القول في الأئمة عليهمالسلام أنهم كانوا أنبياء ، أو القول بتناسخ أرواح بعضهم إلى بعض ، أو القول بأن معرفتهم تغني عن جميع الطاعات والعبادات ولا تكليف مع تلك المعرفة أو القول بأن الله فوض إليهم أمر العباد بالتفويض المطلق وغير ذلك من العقائد التي تنقص من عظمة الخالق وقدرته وشأنه وإنزال المخلوق بمنزلته .. تعالى علواً كبيراً ، ثم القول بكل واحد من هذه خروج عن الدين وصاحبها كافر بإجماع الطائفة المحقة الاثنا عشرية كما أن الأدلة العقلية هي الأخرى تكفر أهل تلك المقالات والنحل. وإلى جانب هذا الغلو في النبي والأئمة عليهمالسلام فإن هناك قصوراً عند بعض علماء الشيعة لما نسبوا الغلوا إلى القائلين بنفي السهو والنسيان عن النبي والأئمة فهذا تفريط في حق المعصومين عليهمالسلام وانتقاص من قدرهم وحطاً من مكانتهم بل إن أوائل العلماء كالشيخ الصدوق وشيخه ابن الوليد قدسسرهم لم يقفوا على أحوال النبي أو الأئمة عليهمالسلام ولم يعرفوا مكانتهم الحقة عند الله تعالى منزلتهم وشأنهم ودورهم في إبلاف الرسالة والحفاظ عليها وتنفيذ أحكامها ، بل جعلوهم كسائر الناس ، وهذا أمر غريب بل وفي غاية العجب والغرابة ...
بل واقتضى أثر القدامى بعض المعاصرين فأنكر ما لهم عليهمالسلام من معاجز وكرامات ومناقب بحيث دهب به الركبان وقد شهد لها الموآلف والمخالف ، فهدا ابن بطوطة يشهد في رحلته ـ قبل ستمائة عام ـ ما للإمام تشملهم ، لذا قد شدوا لها الرحال من أقاصي بلاد الأعاجم وفيرها فقال : ( وأهل هذه المدينة كلهم رافضية وهذه الروضة ظهرت لها كرمات منها أن في ليلة السابع والعشرين من رجب تسمى عندهم ليلة المحيى يؤتى إلى تلك الروضة بكل مقعد من العراقين وخراسان وبلاد فارس والروم فيجتمع