فليجلس من فوره ذلك فإنه سيذهب عنه رجز الشيطان وأيما رجل غضب على ذي رحم فليدن منه فليمسه فإن الرحم إذا مست سكنت.
______________________________________________________
يصير الغضب له عادة وخلقا فلا يمكنه تركه حتى يدخل بسببه النار.
واعلم أن علاج الغضب أمران : علمي وفعلي أما العلمي فبأن يتفكر في الآيات والروايات التي وردت في ذم الغضب ومدح كظم الغيظ والعفو والحلم ويتفكر في توقعه عفو الله عن ذنبه وكف غضبه عنه ، وأما الفعلي فذكر عليهالسلام هنا أمران : الأول قوله « فأيما رجل » ما زائدة « من فوره » كان من بمعنى في ، وقال الراغب : الفور شدة الغليان ، ويقال ذلك في النار نفسها إذا هاجت وفي القدر وفي الغضب ويقال فعلت كذا من فوري أي في غليان الحال وقبل سكون الأمر.
وقال البيضاوي في قوله تعالى : « وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا » (١) أي من ساعتهم هذه ، وهو في الأصل مصدر فارت القدر إذا غلت فاستعير للسرعة ثم أطلق للحال التي لا ريث فيها ولا تراخي ، والمعنى أن يأتوكم في الحال ، وقال في المصباح : فار الماء يفور فورا نبع وجرى ، وفارت القدر فورا وفورانا ، وقولهم الشفعة على الفور من هذا ، أي على الوقت الحاضر الذي لا تأخير فيه ثم استعمل في الحالة التي لا بطؤ فيها يقال : جاء فلان في حاجته ثم رجع من فوره أي حركته التي وصل فيها ولم يسكن بعدها ، وحقيقته أن يصل ما بعد المجيء بما قبله من غير لبث ، انتهى.
وضمير فوره للرجل ، وقيل : للغضب والأول أنسب بالآية ، و « ذلك » صفة فوره « فإنه سيذهب » كيمنع والرجز فاعله ، أو على بناء الأفعال والضمير المستتر فاعله وراجع إلى مصدر فليجلس والرجز مفعوله ، وفي النهاية الرجز بكسر الراء العذاب والإثم والذنب ، ورجز الشيطان وساوسه ، انتهى.
وذهاب ذلك بالجلوس مجرب كما أن من جلس عند حملة الكلب وجده ساكنا لا يحوم حوله ، وفيه سر لا يعلمه إلا الله والراسخون في العلم ، وربما
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٢٥.