٢ ـ أبو علي الأشعري ، عن محمد بن عبد الجبار ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة ، عن أبيه ، عن ميسر قال ذكر الغضب عند أبي جعفر عليهالسلام فقال إن الرجل ليغضب فما يرضى أبدا حتى يدخل النار فأيما رجل غضب على قوم وهو قائم
______________________________________________________
بالشدة والحمية فقال : « أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ » (١) وقال تعالى : « يا أَيُّهَا النَّبِيُّ جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ » (٢) وإنما الغلظة والشدة من آثار قوة الحمية وهو الغضب وأما الإفراط فهو الإقدام على ما ليس بجميل واستعمالها فيما هو مذموم عقلا وشرعا مثل الضرب والبطش والشتم والنهب والقتل والقذف وأمثال ذلك فيما لا يجوزه العقل والشرع.
وأما الاعتدال فهو غضب ينتظر إشارة العقل والدين فينبعث حيث تجب الحمية وينطفئ حيث يحسن الحلم ، وحفظه على حد الاعتدال هو الاستقامة التي كلف الله تعالى بها عباده ، وهو الوسط الذي وصفه رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث قال : خير الأمور أوساطها ، فمن مال غضبه إلى الفتور حتى أحس نفسه ضعف الغيرة وخمسة النفس واحتمال الذل والضيم في غير محله فينبغي أن يعالج نفسه حتى يقوى غضبه ، ومن مال غضبه إلى الإفراط حتى جره إلى التهور واقتحام الفواحش فينبغي أن يعالج نفسه ليسكن من ثورة الغضب ويقف على الوسط الحق بين الطرفين ، فهو الصراط المستقيم وهو أدق من الشعر وأحد من السيف ، فينبغي أن يسعى في ذلك بحسب جهده ويتوسل إلى الله تعالى في أن يوفقه لذلك.
الحديث الثاني : حسن.
« فيما يرضى أبدا » فيه تنبيه على أنه ينبغي أن لا يغضب وإن غضب لا يستمر عليه بل يعالجه قريبا بالسعي في الرضا عنه إذ لو استمر عليه اشتد غضبه آنا فآنا وشيئا فشيئا إلى أن يصدر عنه ما يوجب دخوله النار كالقتل والجرح وأمثالهما ، أو
__________________
(١) سورة الفتح : ٢٩.
(٢) سورة التوبة. ٧٣.