.................................................................................................
______________________________________________________
ضرر عليك في الدنيا والدين ، وأنه لا ضرر به على المحسود في الدين والدنيا ، بل ينتفع بها في الدنيا والدين ، ومهما عرفت هذا عن بصيرة ولم تكن عدو نفسك وصديق عدوك فارقت الحسد لا محالة ، أما كونه ضررا عليك في الدين فهو أنك بالحسد سخطت قضاء الله تعالى ، وكرهت نعمته التي قسمها لعباده ، وعدله الذي أقامه في ملكه تخفى حكمته ، واستنكرت ذلك واستبشعته ، وهذه جناية على حدقة التوحيد ، وقذى في عين الإيمان ، وناهيك بها جناية على الدين ، وقد انضاف إليه أنك غششت رجلا من المؤمنين وتركت نصيحته وفارقت أولياء الله وأنبيائه في حبهم الخير لعباد الله ، وشاركت إبليس وسائر الكفار في حبهم للمؤمنين البلايا وزوال النعم ، وهذه خبائث في القلب تأكل حسنات القلب والإيمان فيه. والحاصل أن الحسد مع كونه في نفسه صفة منافية للإيمان يستلزم عقائد فاسدة كلها منافية لكمال الإيمان واليقين ، وأيضا لاشتغال النفس بالتفكر في أمر المحسود والتدبير لدفعه يمنعها عن تحصيل الكمالات والتوجه إلى العبادات ، وحضور القلب فيها ، وتولد في النفس صفاتا ذميمة كلها توجب نقص الإيمان ، وأيضا يوجب عللا في البدن وضعفا فيها يمنع الإتيان بالطاعات على وجهها ، فينقص بل يفسد الإيمان على أي معنى كان ، ولذا قال عليهالسلام : يأكل الإيمان كما تأكل النار الحطب.
وأما كونه ضررا في الدنيا عليك ، فهو أنه تتألم بحسدك وتتعذب به ، ولا تزال في كد وغم إذ أعداؤك لا يخليهم الله عن نعم يفيضها عليهم ، فلا تزال تتعذب بكل نعمة تراها عليهم وتتأذى وتتألم بكل بلية تنصرف عنهم ، فتبقى مغموما محزونا متشعب القلب ضيق النفس كما تشتهيه لأعدائك ، وكما يشتهي أعداؤك لك ، فقد كنت تريد المحنة لعدوك فتنجزت في الحال محنتك وغمك نقدا ، كما قال أمير المؤمنين عليهالسلام : لله در الحسد حيث بدء بصاحبه فقتله ، ولا تزول النعمة على