.................................................................................................
______________________________________________________
الثلاثة يحصل فيه خلق الكبر إلا أن هذه الرؤية هي الكبر ، بل هذه الرؤية وهذه العقيدة تنفخ فيه فيحصل في قلبه اغترار وهزة وفرح وركون إلى ما اعتقده وعز في نفسه بسبب ذلك ، فتلك العزة والهزة والركون إلى المعتقد هو خلق الكبر ، ولذلك قال النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : أعوذ بك من نفخة الكبرياء ، فالكبر عبارة عن الحالة الحاصلة في النفس من هذه الاعتقادات ويسمى أيضا عزا وتعظما ، ولذلك قال ابن عباس في قوله تعالى : « إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ ما هُمْ بِبالِغِيهِ » (١) فقال : عظمة لم يبلغوها ثم هذه العزة تقتضي أعمالا في الظاهر والباطن ، وهي ثمراته ويسمى ذلك تكبرا فإنه مهما عظم عنده قدر نفسه بالإضافة إلى غيره حقر من دونه وازدرأه وأقصاه من نفسه وأبعده وترفع عن مجالسته ومؤاكلته ، ورأى أن حقه أن يقوم ماثلا بين يديه إن اشتد كبره ، فإن كان كبره أشد من ذلك استنكف عن استخدامه ولم يجعله أهلا للقيام بين يديه ، فإن كان دون ذلك يأنف عن مساواته ويتقدم عليه في مضائق الطرق وارتفع عليه في المحافل ، وانتظر أن يبدأه بالسلام وإن حاج أو ناظر استنكف أن يرد عليه ، وإن وعظ أنف من القبول وإن وعظ عنف في النصح ، وإن رد عليه شيء من قوله غضب ، وإن علم لم يرفق بالمتعلمين واستذلهم وانتهرهم وأمتن عليهم واستخدمهم ، وينظر إلى العامة كما ينظر إلى الحمير استجهالا لهم واستحقارا ، والأعمال الصادرة من الكبر أكثر من أن تحصى.
فهذا هو الكبر وآفته عظيمة وفيه يهلك الخواص والعوام وكيف لا تعظم آفته وقد قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يدخل الجنة من كان في قلبه ذرة من كبر ، وإنما صار حجابا عن الجنة لأنه يحول بين العبد وبين أخلاق المؤمنين كلها ، وتلك الأخلاق هي أبواب الجنة ، والكبر وعز النفس تغلق تلك الأبواب كلها ، لأنه مع تلك الحالة لا يقدر على حبه للمؤمنين ما يحب لنفسه ، ولا على التواضع
__________________
(١) سورة غافر : ٥٦.