.................................................................................................
______________________________________________________
وهو رأس أخلاق المتقين ، ولا على كظم الغيظ ، ولا على ترك الحقد ، ولا على الصدق ولا على ترك الحسد والغضب ، ولا على النصح اللطيف ولا على قبوله ، ولا يسلم من الإزراء بالناس واغتيابهم ، فما من خلق ذميم إلا وصاحب الكبر والعز مضطر إليه ليحفظ به عزه ، وما من خلق محمود إلا وهو عاجز عنه خوفا من أن يفوته عزه ، فعن هذا لم يدخل الجنة.
وشر أنواع الكبر ما يمنع من استفادة العلم وقبول الحق والانقياد له ، وفيه وردت الآيات التي فيها ذم المتكبرين كقوله سبحانه : « وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ » (١) وأمثالها كثيرة ، ولذلك ذكر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم جحود الحق في حد الكبر والكشف عن حقيقته ، وقال : من سفه الحق وغمص الناس.
ثم اعلم أن المتكبر عليه هو الله أو رسله أو سائر الخلق ، فهو بهذه الجملة ثلاثة أقسام :
الأول التكبر على الله وهو أفحش أنواعه ، ولا مثار له إلا الجهل المحض والطغيان مثل ما كان لنمرود وفرعون.
الثاني : التكبر على الرسل والأوصياء عليهمالسلام كقولهم : « أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا » (٢) « وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ » (٣) « وَقالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْنَا الْمَلائِكَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا لَقَدِ اسْتَكْبَرُوا فِي أَنْفُسِهِمْ وَعَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً » (٤) وهذا قريب من التكبر على الله وإن كان دونه ، ولكنه تكبر عن قبول أمر الله.
الثالث : التكبر على العباد وذلك بأن يستعظم نفسه ويستحقر غيره فتأبى نفسه عن الانقياد لهم وتدعوه إلى الترفع عليهم ، فيزدريهم ويستصغرهم ويأنف عن مساواتهم ، وهذا وإن كان دون الأول والثاني ، فهو أيضا عظيم من وجهين :
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩٣.
(٢ و ٣) سورة المؤمنون : ٤٧ و ٣٤.
(٤) سورة الفرقان : ٢٤.