.................................................................................................
______________________________________________________
لسانه حتى يدعوه إلى الدعوى والمفاخرة والمباهاة وتزكية النفس ، أما العابد فإنه يقول في معرض التفاخر لغيره من العباد : من هو؟ وما عمله؟ ومن أين زهده؟ فيطيل اللسان فيهم بالتنقص ، ثم يثني على نفسه ويقول إني لم أفطر منذ كذا وكذا ، ولا أنام بالليل وفلان ليس كذلك ، وقد يزكي نفسه ضمنا فيقول : قصدني فلان فهلك ولده وأخذ ماله أو مرض وما يجري مجراه ، هذا يدعي الكرامة لنفسه ، وأما العالم فإنه يتفاخر ويقول : أنا متفنن في العلوم ومطلع على الحقائق ، رأيت من الشيوخ فلانا وفلانا ومن أنت وما فضلك؟ ومن لقيته؟ وما الذي سمعت من الحديث؟ كل ذلك ليصغره ويعظم نفسه ، فهذا كله أخلاق الكبر وآثاره التي يثمرها التغرز بالعلم والعمل ، وأين من يخلو من جميع ذلك أو عن بعضه.
يا ليت شعري من عرف هذه الأخلاق من نفسه وسمع قول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر كيف يستعظم نفسه ويتكبر على غيره وهو بقول رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم من أهل النار ، وإنما العظيم من خلا عن هذا ، ومن خلا عنه لم يكن فيه تعظيم وتكبر.
الثالث : التكبر بالنسب والحسب ، فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب وإن كان أرفع منه عملا وعلما ، وثمرته على اللسان التفاخر به ، وذلك عرق دقيق في النفس لا ينفك عنه نسب وإن كان صالحا أو عاقلا إلا أنه قد لا يترشح منه عند اعتدال الأحوال ، فإن غلبه غضب أطفأ ذلك نور بصيرته وترشح منه.
الرابع : التفاخر بالجمال ، وذلك يجري أكثره بين النساء ويدعو ذلك إلى التنقص والثلب والغيبة ، وذكر عيوب الناس.
الخامس : الكبر بالمال وذلك يجري بين الملوك في الخزائن وبين التجار في بضائعهم وبين الدهاقين في أراضيهم ، وبين المتجملين في لباسهم وخيولهم ومراكبهم ، فيستحقر الغني الفقير ويتكبر عليه ، ومن ذلك تكبر قارون.